كيف يصل الإنسان إلى مرحلة الإدمان على الكحول ؟

يوجد في تونس1.7 مليون مستهلك للكحول كما أن 55 بالمائة من التّونسيين يستهلكون هذه المادّة مرّة في الشّهر على الأقلّ وتحتلّ تونس المرتبة الثالثة عربيّا مناصفة مع لبنان على المستوى العربي, والمرتبة 60 في حوض البحر الأبيض المتوسّط والمرتبة 157 عالميّا و هناك إختلاف كبير بين مفهومي تعاطي الكحول والإدمان.

-مفهوم تعاطي الكحول:

  التّعاطي أنواع

1- مناسباتي ولا يحمل أضرارا جانبيّة على مستوى الصحّة الذّهنيّة  والبدنيّة والنّفسيّة وعلى العلاقات الإجتماعيّة.

2 خطير يوجد في تجاوز المستوى العادي ألا وهو 3 كؤوس يومية و 4 كؤوس عند الاحتفال أو في الأوقات غير المسموح بها .

ويكون الإستهلاك في الأوقات غير المسموح بها مثل عند المرأة الحامل آو عند قيادة السيّارة أو عند العمل على إحدى الآلات الّتي تستوجب التّركيز والحضور الذّهني التّام.

-الإدمان :



يتّسم بعدم القدرة التّحكّم في الرّغبة في شرب الخمر أو في الفشل في محاولات الانقطاع عن الشرب . ويشير دليل الصحّة النّفسيّة عدد 5 إلى أنّه في صورة وجود عارضين من بين 11 عارض نفسي خلال الأشهر 12 الأخيرة فإنّه يمكن الحديث على الإدمان

وفي صورة توفر عارضين أو 3 فهناك حالة إدمان خفيف . وعند توفّر 4 إلى 5 عوارض فيمكن الحديث عن إدمان متوسّط ومن 6 إلى ما فوق فإنّه يمكن الحديث عن إدمان عنيف.

و يشعر مدمن الكحول أنّه غير قادر على التّصديّ لهذا السّلوك رغم أضراره على صحّته.  كما يتراجع عن ممارسة أنشطته التّرفهيّة وعن علاقاته الإجتماعيّة من أجل إمضاء أكثر وقت في إستهلاك مادّة الكحول، كما يضطرّ المريض إلى التّرفيع من نسبة الاستهلاك للحصول على نفس مستوى النّشوة

ويتّسم الإدمان بظهور أعراض الإنسحاب أو الفطام عند محاولاته التّقليص أو الإقلاع عن الشّرب. 

وهذه الأعراض هي

- إرتفاع درجات الحرارة

- التّعرّق

- التوتّر والخوف

- الإضطرابات في النّوم

-الإصابة بنوع من الإضطرابات الذّهنيّة في بعض الحالات

لا يشترط الإدمان أن يكون بالضّرورة على مادّة من المواد كالتّدخين والكحول والمخدّرات, بل يمكن أن يكون إدمان على سلوك معيّن كالعمل وألعاب الفيديو والتّسوّق ومشاهدة الأفلام الإباحيّة والعادة السرّيّة...

الإدمان هو نتيجة أنماط سلوكيّة في المخّ يتمّ خلالها تسجيل التّجربة والنّشوة الّتي صاحبتها أثناء إستهلاك المادّة, وبالتّالي يعيد المريض الاستهلاك لإعادة نفس التّجربة والحصول على نفس النّشوة .

وينجرّ الإنسان شيئا فشيئا للإدمان لتفادي التّقلّقات الّتي تنجرّ عن عدم شرب الكحول.

 ويصبح الإدمان مرض مزمنا ويتّسم بالتّكرار. 

-أسباب تعاطي الكحول والوصول إلى مرحلة الإدمان:

تختلف الأسباب منها أسباب جينيّة وراثيّة وأيضا أسباب ناتجة عن التّربية والسّلوك.

الأسباب الجينيّة:

أثبتت الدّراسات عديدة أنّ هناك نقص في إحدى الأنزيمات لدى مدمني الكحول. كما أنّ الأطفال الّذين يكون أوليائهم من مستهلكي الكحول هم عرضة بمعدّل 4 مرّات للإدمان أكثر من غيرهم من الأطفال.

و أثبتت عديد التّجارب أنّ الشّقيق التّوأم ,بالنّسبة لتوأمين متطابقين في الشّبه, هناك إحتمال كبير جينيا  لتعرّضه لهذا السّلوك .

كما أنّه في حالة التّبنّي يمكن أن يصبح الطّفل مدمنا على الكحول عندما يكبر, إذا كان  والده  البيولوجي مدمن رغم تربيته في أسرة غير مدمنة.

التّربية والسّلوك:

- يمكن أن يكون الإدمان نتيجة أزمة عاطفيّة أو تلبية لرغبة مازوشيّة حسب بعض الدّراسات . فيما تذهب دراسات أخرى إلى تفسير الموضوع بأنّ مدمن الخمر يشكو من نوع من الإضطراب النّرجسي ويحاول تغطيته بالإدمان على شرب الكحول.

 - الإضطرابات النّفسيّة والتّوتّر وإضطرابات الشّخصيّة والشّخصيّات البسيكوباتيّة بنسبة 40 بالمائة

- الشّخصيّات الّتي ترغب في البحث عن كلّ ماهو جديد

-الشّخصيّات غير القادرة على التّعبير على مشاعرها

-الشخصيات الّتي تعبّرعن فرحها وحزنها باستهلاك الخمر

-الأضرار:

- الأضرار متعدّدة على مستوى العلاقات الإجتماعيّة وعلى المصاريف والمشاكل قانونية وحوادث مرور

- أضرار نفسيّة

- أضرار الجسديّة

- مشاكل إضطرابات القلب وانتفاخه ومشاكل في عدد دقّات القلب

- المساس بالجهاز العصبي

- أمراض على مستوى العينين

- أمراض المعدة (التّقيّؤ والغثيان)

- أمراض الكبد

- التّسبّب في عديد الأمراض السّرطانيّة  

العلاج:

- غالبا لا يزور المريض عيادة الطّبيب بل الشّريك أو أحد أفراد العائلة.لكن من الضّروري أن تكون المبادرة من المريض في حدّ ذاته.

- تختلف نوعيّة العلاج حسب مرحلة المرض و رغبة المريض في العلاج.

- تكون المرحلة الأولى من العلاج بالقيام بجملة من التّحاليل الّتي تثبت إن كان المريض يعاني من الإدمان على الكحول أو أشياء أخرى مثل التّدخين ونوع من الأدوية .

- الإطّلاع على مدى خطورة الإدمان بالتّعرف هل أنّ المريض إنطلق في عمليّة الإدمان مبكّرا أي عمر 15 سنة مثلا .

- تحاليل كاملة على فقر الدّم واضطراب الصّفيحة والكبد.

-تحاليل نفسيّة والتّعرّف على مدى وجود أزمات نفسيّة أدّت إلى هذا الإدمان

- فحوصات ذهنيّة لأن الكحول توثّر مع مرور الزّمن على ذهن الإنسان وذاكرته وعلى التّركيز والانتباه والقدرات على التّأقلم وترتيب الأولويّات والتّوازن الذّهني ...

-الإطّلاع على مدى رغبة المريض في التّغيير والتّوعية بأهمّيّة العلاج خاصّة للأطراف الّتي لا تعتبر أنّ الإدمان مشكلا. ويكون ذلك بمحاولة إقناعه بطرق ليّنة دون إجبار.

-عندما يكون المريض غير مستقرّ على رأي معيّن. وهنا يكون دور الطّبيب هامّا جدّا لتوعيته وإقناعه دون الضّغط عليه ومحاولة تقوية ثقته بنفسه.

-يجب أن تتوفّرالمساعدة الطبيّة والإجتماعيّة للمريض (مساعدته على إيجاد حلول لمشاكله)

-عند إنقطاع المريض على تعاطي الكحول هذا لا يعني أنّه شفي نهائيّا إذ يمكن أن ينتكس من جديد, لذلك يجب مرافقته  وتنمية مهاراته وعلاقاته الشّخصيّة. و تشجيعه لبناء العلاقات مع الأصدقاء وتفادي الأفكار السّلبيّة وتعليمه كيفيّة التّعامل عند الغضب.

- كيفيّة التّصرّف عند الرّغبة في تعاطي الكحول أو عند إقتراح ذلك عليه من قبل الأصدقاء وذلك للمحافظة على النّتائج الإيجابيّة الّتي توصّل إليها.

-يجب توعيّة المريض وتعويده على كيفيّة التّعامل مع الحالات الخطيرة الّتي تنتابه.

-تهييئته لعدم الخوف من الإنتكاسة فعند العودة لشرب الكأس الأوّل من الكحول لا يجب أن ينهار المريض ويشعر بالإحباط والفشل.