مشاكل الأسنان وانعكاساتها على شخصيّة الإنسان

إنّ الملفت للإنتباه في هذا المجال التناقض الكبير في عدد الذين يشتكون من التباعد بين الأسنان و الزيادة الكبيرة للإكتظاظ لذلك يعتقد العديد من الأخصائيين أن الأمر يعود بالأساس إلى التغيير الكبير الحاصل في طبيعة الأغذية و التي أصبحت لينة جدا و لا تستدعي كثيرا من المضغ.
و رغم أهمية هذا العنصر إلى جانب العامل الوراثي طبعا فإن التفسير يبقى قاصرا. هذه الظاهرة هي حصيلة عديد العوامل منها الوراثي و النشاط البدني والتغذية والصحة الإيمانية ويبقى الجانب العاطفي والنفسي قائدا للمجموعة.

الأسنان المتداخلة أو الإكتظاظ

نظرا للضغط الكبير الذي تعيشه مجتمعاتنا يصبح الانكماش والتقوقع على الذات كالذي يخشى أن يصاب بأذى دون أن يعرف مصدره ميزة أساسيّة يعيشها الطفل الصغير من خلال أزمات الكبار و من خلال مخاوفه الشخصيّة مما يحدّ من قدراته على الإبداع و الإنطلاق مع شعوره الدائم بضيق الزمان و المكان .

ويختلف الأمر حسب موقع الاكتظاظ  مثلا في الفك السفلي و الأسنان المنتظمة تكون في الفك العلوي صاحب هذا الفم مرّ بهزّات وعاش ضغوطات نفسيّة وعاطفيّة كبرى لكنّه اعتبر أن ما حصل له نتاج ملابسات و ظروف أقوى من كل الأطراف الفاعلة فيها مما جعله يحافظ على تماسكه فكريّا و لم يتخذ مواقف قوية من المحيطين به كما أنّه لم يرم المنديل ويستسلم.

الأسنان المتباعدة

تمثل هذه الظاهرة حسب ما أورده الدكتور الهادي البشير الداهش في كتابه "نحو رؤية جديدة لطب الأسنان" إذا كانت تعمّ الأسنان العلوية غياب التماسك والتجانس الفكري كما يغلب على شخصية صاحبها التردد أكثر من الحسم في المواقف و السلوكيات اليومية مع عدم القدرة على التركيز المتواصل لفترة طويلة أو متوسطة وهنا لابد من البحث عن أسباب هذه الظاهرة لتحديد أهمّ مظهراتها النفسية.

لكلّ سنّ دلالاته و تفاعلاته

بدأت تظهر في الآونة الأخيرة محاولات لصياغة أبجدية للغة الأسنان , فإذا أخذنا القواطع الوسطى الأربعة كمجموعة أسنان لها نفس الشكل تقريبا, لوجدنا فيها عديد الدلالات و الرّموز الّتي تعبّر عن

• البدايات في الحياة وعن الإشعاع في المحيط
•  عن العلاقات و الحياة الزوجيّة, سواء الواقعية و المعاشة منها أو المواقف و التفكير فيها.
•  كيف عايشنا و عشنا مع المحيط العائلي (أم أب و أخوة و أولياء أمر بصفة عامّة )أو المحيط القريب منّا (المدرسة و الجيران و النادي إن وجد...)
• الحيّز و الدّور الذي يحتله الرجل أو الرّجولة في حياتنا و تفكيرنا.
  
  

أمّا إذا أردنا أن نفهم دلالات العلاقة بين القاطعين السفليين الأوسطين مجتمعين و ما عايشه الفرد خصوصا في طفولته و المراهقة فإننا سنجد أنفسنا أمام تأثيرات و إنعكاسات العلاقة بين الأبوين و مدى إيجابياتها أو سلبيتها عليه. أما في أعمار متقدمة تختلف الأمور إذا تترجم أوضاع هاذين القاطعين حياة الفرد الزوجيّة الخاصّة به. أمّا إذا أخذنا كلّ سنّ بمفرده لوجدنا أنفسنا أمام علاقات و تجاذبات أخرى بين النفسي و العاطفي و شكل و موقع و وضع الأسنان.

• القاطع الأيمن السفلي يختزن كل ما يتعلق بنموذج الرجل في حياة الإنسان التي يعيشها يوميّا, سواء كان الأب أو الأخ أو المعلم أو أي شخص في المحيط القريب له تأثيرات على شخصيته و تكوينه.فهو الأب الحاضن وتأثيره في نفس الابن أثناء صيرورة الحياة العادية, سواء إيجابيّا أو سلبيّا و على كلّ مكوّنات الشّخصيّة و خصوصا على المستوى النفسي والعاطفي منها.
  
  

  القاطع الأوسط السفلي الأيسر مرتبط بنموذج المرأة في حياة الإنسان اليوميّة , خصوصا الأم أو أي إمرة من المحيط القريب. إنّها الترجمة للعلاقة مع الأم الحاضنة إبّان صيرورة الحياة اليوميّة. إنّ تموقع السن يعطينا فكرة عن نوعيّة وحجم الطاقة الممنوحة من الأم وإصابته أو فقدانه تدلّ على اضمحلال أو فقدان تلك الطاقة.
  
  

  القواطع الوسطى العليا تمثل أسنان الإشعاع و التفكير والمبادئ والإنجازات والطموحات, وكيف نقيّم نموذج الرجل والمرأة اللّذين عايشناهما. ونوعيّة العلاقة القائمة في وقت سابق بين الأم والأب أو المربين فيما بينهم والتي تركت بصمة دون ريب.