العلاج المعرفي السلوكي

11/10/2022   الصحة النفسية   2427  
الدكتور عبد الرحمان الفخفاخ

العلاج المعرفي السلوكي

العلاج المعرفي السلوكي

إن المسألة النفسية هي كل ما يخص التمشي الذهني وسلوك الفرد وبالتالي فإن العلاج النفسي هي التقنيات التي يعتمدها المعالج لتغيير التمشي الذهني للإنسان وسلوكه لأن مختلف المشاكل النفسية التي يعيشها الفرد تكون مرتبطة دائما بتفكيره الذي ينعكس على سلوكه.

ما هو العلاج المعرفي السلوكي

العلاج المعرفي السلوكي هو شكل من أشكال العلاجات الذي ظهر مع علم النفس التجريبي والذي كان الهدف منه فهم كيفية عمل نفسية الإنسان ومدى ترابط أفكاره وأحاسيسه وسلوكه وانتهى إلى استنتاج مفاده أن كل القرارات التي يتخذها الدماغ ويقوم بها على مستوى السلوك نابعة أساسا من الأفكار والمشاعر التي يمتلكها . وأثبتت العديد من الدراسات السريرية نجاعة هذا العلاج والنتائج الباهرة القادر على تحقيقها لتتفوق على العلاج الدوائي خصوصا وأنه يجعل الإنسان ينتكس أقل وهي مسألة هامة ومحددة .

ما هي الحالات التي تستحق العلاج المعرفي السلوكي؟

يمكن اعتماد العلاج السلوكي المعرفي في عدة مجالات على غرار الاكتئاب وكل أنواع اضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة ونوبات الهلع إضافة الوسواس القهري وحالات الإدمان ونوبات الغضب أي أنه تقريبا يشمل جميع أوجه المشاكل النفسية ومنصوح به لمختلف الفئات العمرية لكنه أسهل بالنسبة للمراهقين والكبار بينما يحتاج إلى مهارات أكبر عند الأطفال. هناك بعض الاضطرابات النفسية التي تجعل الشخص غير مرتبط بالواقع على غرار الهذيان وبعض مراحل انفصام الشخصية وهنا لا يمكن القيام بالعلاج المعرفي السلوكي.

كيف يحدث العلاج المعرفي السلوكي؟

أولا إن العلاج المعرفي السلوكي هو علاج يعتمد على الكلام بدرجة أولى لكن يجب التأكيد أنه ليس جلسة استماع وإصغاء ولا يأتي المريض فقط للحديث عن مشاكله والاستماع لعبارات تشجيع وشحذ للطاقة الإيجابية بل إن الحديث والكلام يدخل في إطار مسار علاجي كامل يعمل خلاله المعالج على ربط علاقة جيدة مع المريض واكتساب ثقته ويبين له بأنه قادر على فهمه مهما كانت مشكلته حتى يتمكن المريض من قول كل تفاصيل قلقه وبالتالي يتمكن المختص من معرفة المشكل الذي يعيشه المريض والبحث سويا عن طريقة لعلاج هذا المشكل وفي معظم الحالات يكون المريض عالقا في أفكاره واعتقاداته التي تجعل يمارس سلوكا ليس هو الذي يريده إنما يكون ناتجا عن تصوراته وأفكاره ويساعده الطبيب على رؤية الأمور بشكل أوضح حتى يستطيع الخروج من هذه الدوامة ليكون العلاج في نسبة كبيرة منه بيد المريض.

إن العلاج المعرفي السلوكي هو مسار بالأساس به العديد من المراحل ويتطلب عدد من الحصص مع المختص إذ لا يمكن الوصول إلى النتائج منذ الحصة الأولى بل يحصل التطور تدريجيا خلال مسار العلاج لتكون الحصة الأولى تهدف بالأساس إلى تقييم الحالة ومدى صعوبة المشكلات التي يعاني منها الفرد بناءا على ما سيقوله لتكون المرحلة الثانية والحصص المقبلة هي بمثابة مزيد من التعمق وتحليل أفكار المريض ومشاعره وسلوكياته فمثلا مريض الرهاب الاجتماعي يكون حاملا لأفكار وتصورات في عقله تنتج مشاعر من الخوف عند وجوده في وضعيات اجتماعية وهو ما يؤثر على سلوكه ويتكرر هذا الأمر دائما دون أن يكون المريض قادرا على تجاوز هذه الحالة ، يقوم المختص بتحليل هذه الحلقة المركبة من الأفكار والمشاعر والسلوك الناتج عنهما لتحديد السبب إذ عادة ما يعتقد المريض أن سلوكه ناتج عن تلك الوضعية الاجتماعية التي يكون موجودا فيها وبالتالي يكون دور الطبيب هناك توضيح الصورة للمريض حتى يفهم أن السلوك الذي يمارسه المريض في الوضعيات الاجتماعي مرتبط أساسا بتصورات واعتقادات رسمها في دماغه مسبقا وهي ليست بالضرورة صحيحة ولا واقعية وبالتالي نتج عنها شعور بالرهبة والخوف انعكس على سلوكه لاحقا وحين يقتنع المريض يبدأ في أولى خطوات التعافي .

بعد إدراك المريض لأساس الحلقة المفرغة التي يعيشها والتي سببها أفكاره يبدأ بالبحث مع المختص على طريقة لتجاوز هذه الحلقة والخروج منها وخلال هذه المرحلة يطلب المختص من المريض أن يذكر له كل الوضعيات التي وجد فيها صعوبة وأن يرتبها حسب درجة الصعوبة التي شعر بها ف كل وضعية ليطلب منها تاليا الانطلاق من الوضعية الأقل صعوبة وهنا سيشعر المريض بالخوف رغم أن تلك الوضعية لم يعش فيها صعوبات بالغة مقارنة بباقي التجارب لكن المختص سرعان ما يذكره بأن الصعوبات ناتجة عن الأفكار المسبقة التي يحملها ، وبعد قيام المريض بالخطوة الأولى وتجاوز الوضعية الأقل صعوبة سرعان ما يبدأ التغيير في الظهور على جميع المستويات أفكارا ومشاعر وسلوكيات ويبدأ في التدرج بالوضعيات نحو الأكثر صعوبة وحالما ينجح في تجاوزها فقد استطاع بالتالي الخروج من الحلقة المفرغة التي كان يعيشها ليكون قادرا على تحقيق أهدافه وطموحاته في الحياة بسلوك جديد يناسبه. يجب التذكير دائما بإمكانية حدوث انتكاسات بعد تجاوز الحالة ولكن التعافي يكون أسهل لأن الإنسان يكون مدركا بأن تلك الأفكار من نتاج عقله وبالتالي تجاوزها يكون أسهل.


أرسل إلى صديق
sms viber whatsapp facebook

اكتشف تطبيقنا لتجربة أفضل!
Google Play
App Store
Huawei AppGallery