الطفل والعنف في الوسط المدرسي … لماذا العنف المتبادل ؟

06/04/2022   صحة الطفل   5539   med.tn

الطفل والعنف في الوسط المدرسي … لماذا العنف المتبادل ؟




تختلف أشكال العنف المدرسي كما تختلف الأطراف المتسببة فيه, فهناك عنف من طرف التلميذ ضد المربي أو الأستاذ. وهناك عنف من طرف المربي أو الأستاذ تجاه التلميذ و أيضا بين التلميذ والهيكل الإداري للمؤسسة التي يدرس فيها.

وتختلف أشكاله التي من أهمها العنف المادّي أو العنف اللفظي أو العنف الجنسي. ويعرّف العنف على أنّه (سلوك أو فعل يصدر عن طرف قد يكون فردا أو جماعة يحدث أضرارا جسدية أو معنوية ونفسية سواء كان ماديّا أو معنويّا و خلّف عواقب جسدية ونفسية شديدة على الشّخص المعنَّف الذي وقع عليه الفعل).

عنف التلميذ ضدّ الأستاذ

الظاهرة في طريقها نحو التفاقم حيث سجل خلال الأشهر الأخيرة أنواع من الاعتداءات من طرف التلميذ على الأستاذ من بينها اعتداء تلميذ على أستاذه السيد الصحبي بن سلامة أستاذ التاريخ و الجغرافيا بساطور يوم 8 ديسمبر 2021 و تم إصدار بطاقة إيداع بإصلاحية المروج في حق التلميذ .

ومحاولة تلميذ أخر الاعتداء على أستاذة بالة حادّة بتاريخ 25 نوفمبر 2021 ببن عروس. وإلقاء تلميذ أخر ملابس داخلية على أستاذه السيد محمد البديري في أحد المعاهد الخاصّة داخل القسم يوم 16 نوفمبر 2021.ووقع طرد التلميذ .

و رصد منتدى الحقوق الاقتصادية والإجتماعيّة 18.8 بالمائة من حالات العنف وقعت في الفضاء التربوي و الجامعي و الأسري في أحد تقاريره خلال السنوات الأخيرة. و حسب إحصائيات قدمها المرصد الوطني للعنف المدرسي لسنة 2019 فقد بلغ مجموع الإعتداءات 4568 إعتداء لفظي ومادّي.

عنف الإطار التربوي ضدّ التلميذ

العنف في الوسط المدرسي هو ظاهرة عالميّة حيث تشير منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم والثقافة (اليونسكو) في أحد تقاريرها إلى أنّه يتعرّض حوالي ربع مليار طفل في المدارس حول العالم للعنف المدرسي.كما أن الفئة الأكثر عرضة لهذا العنف في أغلب الأحيان الفقراء أو الأقليات العرقية أو اللغوية أو الثقافية.وتتعدّد في تونس القضايا المرصودة ضدّ الأساتذة و المربّين في حق التلميذ والتي تشمل العنف المادّي و المعنوي والتحرّش الجنسي .

الأسباب النفسيّة لتفاقم ظاهرة العنف في الوسط المدرسي

تشير بعض الدراسات الإجتماعيّة إلى أنّ ميل النفس للعنف يكون غريزيّا نتيجة الكبت. وهو أيضا نتيجة لضعف الشّخصيّة التي لا تقدر على الحوار فتميل إلى العنف لإثبات وجودها في الوسط الذي تنتمي إليه والذي من بينه المدرسة والإطار التربوي.

فيمكن أن يكون نتيجة ضعف النتائج المدرسيّة التي يربطها التلميذ بأستاذ معيّن أو عدم القدرة على تحصيل مستوى علمي معيّن فيميل التلميذ إلى تعنيف زميله الأكثر تميّزا منه.أو نتيجة بعض المشاكل العائليّة التي يعاني منها الطفل كأن يكون ضحيّة طلاق أو الخلافات الأسريّة الحادّة أو العيش في بيئة يسودها العنف المادّي أو اللفظي (كأن يكون الأب عنيفا ).

أمّا بالنّسبة إلى الأستاذ فقد ربط عدد من المختصين الظاهرة بالضغط النفسي الذي يعيشه المربي جرّاء ضغط ساعات العمل أو نتيجة بعض المشاكل العائليّة.

علم الإجتماع ...الفضاء المدرسي أصبح خطير جدّا

اعتبر الدكتور الطيب الطويلي المختصّ في علم الاجتماع في تصريح لmed.tn أن الفضاء المدرسي أصبح خطيرا جدا، وعلى وزارة التربية أن تستيقظ من سباتها وتعترف بوجود هذه الظاهرة وتفاقمها على حدّ قوله .

وأضاف الطويلي "سياسة "الإنكار" وعدم الاعتراف التي تنتهجها وينتهجها مديرو المؤسسات التربوية الرافضين لذكر حالات الاعتداء والاقتحام الدوري لمؤسساتهم تدفع بنا نحو الأسوأ، في غياب تام لرقابة ما يجري داخل زوايا المدارس والمعاهد وأركانها، ولا بد من وقفة حازمة لإنقاذ أبنائنا الذين لم يعودوا يبحثون داخل مدرستهم عن تعليم متين مثل الذي كان في الماضي، وإنما أصبحوا ينشَدون فقط شيئا من الأمان".

لا وجود لقانون يجرّم العنف المدرسي

لا يوجد قانون محدّد يجرّم العنف المدرسي لذلك يتمّ التعامل مع القضايا الصادرة في هذا الشأن حسب ما جاء في مجلة حماية الطفل والمجلة الجزائية.ويحاسب الطفل في سن 18 سنة حسب ما ورد في الجلة الجزائيّة إذا أقدم على تعنيف المربي فيعتبر عنف ضدّ موظف عمومي أثناء أداء مهامه و ذلك حسب الفصلين 125 و 127 من المجلة الجزائية حيث ينصّ الفصل 125على أنه

“يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها مئة وعشرون ديناراً كل من يهضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها”و يشير الفصل 127 إلى أنّه "يعاقب بالسجن مدة عام و بخطية قدرها إثنان و سبعون دينارا كل من يعتدي بالضرب الخفيف ..."و قد يصل العقاب إلى 5 سنوات و خطية ماليّة حسب درجة العنف المسلط على المربي.

محاولة حماية الطفل القاصر الجانح

تحاول مجلة حماية الطفل تجنب العقوبات الشديدة المسلطة ضدّ الطفل حسب سنه ودرجة الجرم المرتكب وحسب الفصل 13 من المجلة تسعى إلى إيجاد الحلول الملائمة لظاهرة إنحراف الأطفال , قبل تدخل أجهزة الدولة, بالإعتماد على المبادىء الإنسانيّة والإنصاف وإعطاء الأولوية للوسائل الوقائية والتربويّة .

ويجتنب قدر الإمكان الإلتجاء إلى الاحتفاظ وإلى الإيقاف التحفظي وإلى العقوبات السالبة للحرية وخاصة منها العقوبات قصيرة المدّة.ويعاقب المربي مرتكب التحرش الجنسي حسب أحكام المجلّة الجزائيّة فحسب الفصل 229 تصبح صفة المعلم أو المربي أو الأستاذ صفة لتشديد العقاب الذي يمكن أن يصل إلى الإعدام حسب الفصل 227 في حال إغتصاب فتاة قاصر .


بقلم فاتن الماجري


أرسل إلى صديق
sms viber whatsapp facebook

اكتشف تطبيقنا لتجربة أفضل!
Google Play
App Store
Huawei AppGallery