السيجارة السمّ الصّامت والقاتل فما الحلّ

11/05/2021   6431  
Dr Manel Kaabi
الإقلاع عن التدخين

التّدخين آفة كبرى تهدّد حياة البشر على وجه الأرض سواء كان هذا التّدخين إيجابيّا أو سلبيّا, وهي قاعدة ثابتة اتّفق حولها المختصّون حيث يصنّف التّبغ على أنّه أحد المواد المتسبّبة في الإدمان فحوالي 80 شخصا من بين 100 يدخّنون يوميّا أو بصفة متكرّرة ينساقون إلى سلوك الإدمان, ويشكّل التّدخين مشكلا أساسيّا في مختلف أنحاء العالم خاصّة في صفوف المراهقين

هي وضعيّة تدعو للبحث عن حلول للقطع نهائيّا مع هذا الخطر المميت أو الإقلاع عنه تدريجيّا فكيف يمكن ذلك وهل يمكن الانقطاع عن استهلاك هذا السمّ القاتل ؟

1.1 مليار مدخّن في العالم

حسب بعض الإحصائيّات يوجد حوالي 1.1 مليار شخص مدخّن في العالم,وتسجّل بلدان الدّول المتقدّمة انخفاضا ملحوظا من سنة إلى أخرى إلاّ أنّ النّسب في ارتفاع ملحوظ في الدّول النّامية بمعدّل 3.4 بالمائة في السّنة. وقد انخفض معدّل التّدخين في الولايات المتّحدة الأمريكية لدى البالغين منذ سنة 1965 إلى حدود سنة 2006 بنسبة 42 بالمائة إلى 20.8 بالمائة إذ سجّلت عديد المدن الأمريكية انخفاضا ثابتا

ويعتبر التّدخين السبب الأوّل للوفاة في فرنسا حسب دراسة أجريت سنة 2005 من طرف مرصد المخدّرات والإدمان حيث يحتلّ التّدخين المرتبة الثالثة في سلّم النّفقات في المجتمع الفرنسي بنسبة 3 بالمائة من النّاتج المحلّي الإجمالي.

التّدخين يهدّد حياة المراهقين

التّدخين في صفوف المراهقين والتّلاميذ يحيل على جملة من المؤشّرات الخطيرة جدّا نظرا لاستمرار هذه الشّريحة العمريّة في استهلاك السّجائر إلى سنّ متقدّمة,ولا تفكّر أو تحاول الإقلاع عنه. وتشير إحصائيّات الطبّ المدرسي الأخيرة إلى أنّ التّبغ يعتبر من أهمّ المواد الّتي يدمن عليها المراهقين في تونس في عمر مابين 15 و 17 سنة كما أنّ الفتيان يدخّنون أكثر من الفتيات بمعدّل مرّتين. ووفق لدراسة كنديّة حول الصحّة أجريت سنة 2008 فإنّ الفئة العمريّة بين20 و 24 سنة هي الأكثر استهلاكا للتّدخين في "الكيبيك", و حسب المنظّمة العالميّة للصحّة فقد ارتفعت نسبة المدخّنين المنتظمين (أكثر من سيجارة في الأسبوع) لدى المراهقين في عمر 15 سنة بنسبة 10 بالمائة في صفوف الذّكور و 5 بالمائة في صفوف الإناث كما أنّ حوالي 25 بالمائة من تلاميذ المدارس بهذا السنّ يدخّنون مرّة واحدة على الأقلّ في الأسبوع.

إحصائيّات مفزعة في تونس

كشفت عديد المصادر و الإحصائيّات جملة من المعطيات الخطيرة حول التّدخين في تونس حيث تشير الدّكتورة منال الكعبي طبيبة مختصّة في الأمراض الصّدريّة و الحساسيّة أنّ 35 بالمائة من التونسيّين يدخّنون. وتحتلّ تونس المرتبة الأولى عربيّا من حيث نسب التّدخين. كما أنّ 90 بالمائة من المدخّنين انطلقوا في تدخين السجائر قبل عمر 18 سنة لذلك يجب الوعي بمضار التّدخين خاصّة بعد ارتفاعه في السّنوات الأخيرة في صفوف الأطفال والنّساء على حدّ تعبيرها.

تأثيرات التّدخين على صحّة الإنسان

للتّدخين عديد المضار الّتي يخلّفها على صحّة الإنسان إمّا على المدى القريب أو المدى البعيد وأهمّها على الجهاز التنفّسي حيث تشير في هذا السّياق الدّكتورة منال الكعبي إلى أنّ هذه الأضرار عديدة منها مرض السّرطان خاصّة الرئة الّذي يتسبّب في نسب كبيرة في الوفاة وسرطان المثانة والالتهاب الرئوي المزمن الذي يتسبب بمرور الوقت في القصور الرّئوي. ويلحق التّدخين أضرارا بالقلب و الشّرايين ويتسبّب في الشّيخوخة المبكّرة ويؤثّر على الخصوبة والجلد. وقد يؤدّي إلى عديد المخلّفات الصحيّة السّلبية حتّى إذا كانت فترة التّدخين قصيرة.

تعدد الوسائل...

التّدخين ليس تدخين السجائر فحسب بل الشيشة والزّطلة أيضا تعتبران من أنواع التّدخين المضرّة بالصّحة على حدّ تعبير الدّكتورة الكعبي. ويضرّ التّدخين السّلبي بالأشخاص المحيطين بالمدخّن حيث يمكن أن يصابوا بسرطان الرّئة بنسبة 30 بالمائة عند التعرّض إليه سواء في العمل أو المنزل...لذلك من الضّروري تجنيب غير المدخّنين مضار السّجائر خاصّة العائلة والأطفال.

الإقلاع عن التّدخين والوسائل المتاحة لذلك

  • من الضّروريّ الإقلاع عن التّدخين مهما طالت الفترة الزمنيّة, ورغم الوصول إلى مرحلة الإدمان لدى البعض إلاّ أنّ ذلك ممكن و حسب الدّكتورة وهو أمر ضروريّ رغم التبعيّة العضوية للجسم والتبعيّة النّفسيّة السلوكيّة المرتبطة بالتّصرفات.
  • ويمكن الاطلاع على نسبة التبعيّة و حسب هذه النّسبة يمنح المقلع عن التّدخين اللاصقات والعلكة وغيرها من البدائل لمساعدته في عملية الإقلاع بالاستجابة لمتطلّبات الجسم من النيكوتين .
  • وتتوفّر ببلادنا السجائر الالكترونيّة كبدائل للإقلاع عن التّدخين لكن لا يجب استهلاكها من طرف غير المدخّنين خاصّة الشباب و المراهقين لاعتقادهم أنّها لا تحتوي على مضار لكنّها أفضل بكثير من السجائر العاديّة.ويجب توفّر عنصر العزيمة للإقلاع ويعتبر شهر رمضان فرصة ملائمة لذلك.
  • ويمكن بممارسة بعض الأنشطة الإقلاع عن التّدخين مثل النّشاط البدني وعلى المقلع عن التّدخين عدم اليأس عند الفشل والابتعاد عن المنبهات والمدخّنين والأماكن الّتي تساعد على العودة.كما يمكن تلقّي المساعدة من طرف المختصّين.
  • وتنخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون من الجسم في السّويعات الأولى من الإقلاع عن التّدخين وتتحسّن حاسّتي الذّوق والشّم ويصبح المقلع عن التّدخين أكثر رغبة في الأكل. كما تتحسّن لديه الحالة الصحيّة للقلب والشّرايين وللجهاز التّنفّسي , ويضمن عدم التعرّض لمضاعفات أو للأمراض قدر الإمكان.

بدائل النيكوتين أفضل من السّجائر العاديّة

  • ما انفكّ المختصّون والخبراء من ذوي الصّلة بمجال التّدخين يبحثون عن حلول لهذه الآفة الّتي ترافق البعض مدى الحياة وتبني صلة وطيدة وقويّة بهم منذ المراهقة والشّباب , وقد بحث المنتدى العالمي للتّبغ والنّيكوتين عن السّبل الممكنة للمساعدة على إيجاد حلول للأشخاص الّذين وجدوا صعوبات في الإقلاع عن التّدخين حيث تمّ مؤخّرا في نسخة المنتدى 14 المنعقدة الشهر الفارط تقييم أحدث البحوث العلمية المتعلّقة باستخدام المنتجات المساعدة على الحدّ من أضرار التّبغ والاطّلاع على فوائدها وحدودها مثل منتوجات التّدخين الالكتروني والتّبغ المسخّن حيث أشار أستاذ الطبّ الباطني في جامعة "كاتانيا" بإيطاليا (ريكاردو بولوسا) إلى الفرق الواضح بين منتوجات التّبغ المسخّن و السّجائر العاديّة, إذ تساهم هذه المواد في تحقيق انخفاض في حجم المواد السميّة بنسبة تتراوح بين 80 و 90 بالمائة.
  • من جهة أخرى لا يزال بعض الأشخاص لا يدركون قيمة المنتوجات البديلة للنيكوتين و مساهمتها في الحدّ من مضار التّدخين العاديّ فخلال استطلاع للرّأي تمّ إجراؤه بالولايات المتحدة الأمريكيّة تبين أنّ 70 بالمائة من الأمريكيّين يعتبرون أنّ الحدّ من الضّرر هو أسلوب جيّد لكنّ 16 بالمائة فقط يعتبرون أنّ السّجائر الإلكترونيّة أقلّ ضررا من السّجائر العاديّة .
  • تعتبر تجربة التّدخين, خاصّة لفترة طويلة, تجربة مريرة بمرور الوقت لأنّها تخلّف عديد المضار الجسديّة والنّفسيّة على المدخّن و على العائلة والمجتمع. ورغم سعي عديد الأطراف (الأطبّاء و الخبراء و المختصّون في هذا المجال) لإيجاد الحلول الممكنة إلّا أنّ العزيمة و الوعي الذّاتي يعتبران الدّافع الأساسي الّذي يمكن أن يجعل تجربة الإقلاع أو الحدّ من الاستهلاك تجربة ناجحة.


Arkadaşına gönder
sms viber whatsapp facebook

Découvrez notre application
pour une meilleure expérience !
Google Play
App Store
Huawei AppGallery