الاغتصاب : مفهومه، شخصية المغتصب،أثاره النفسية على الضحايا

26/06/2023   الصحة الجنسية   3269  
السيدة منال البوشي

الاغتصاب : مفهومه، شخصية المغتصب،أثاره النفسية على الضحايا

الاغتصاب : مفهومه، شخصية المغتصب،أثاره النفسية على الضحايا

يمس الاغتصاب مختلف الفئات الاجتماعية والشرائح العمرية وهو جريمة منتشرة بكثافة في المجتمعات لا سيما تونس فبالعودة إلى الإحصائيات الرسمية التي نشرها قسم الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول سنة 2019 تشهد تونس سنويا حوالي 800 حالة اغتصاب تم التبليغ عنها و 65 من الضحايا هم أطفال و 20 بالمائة ذكور ولكن تضل هذه النسب محدودة ولا تعكس واقع مجتمعنا خاصة وأن العديد من الحالات لا يتم البتليغ عنها وعرض الضحية على الطب الشرعي إضافة إلى الاغتصاب الزوجي الذي لا يتطرق إليه الكثيرين.

مفهوم الاغتصاب

الاغتصاب هو اعتداء جنسي فيه غالبا نوع من الإيلاج أو نوع آخر من الاختراق الجنسي باستعمال أدوات على شخص دون موافقته إما بالقوة أو بالإكراه أو تحت التهديد أو باستعمال سلطة ما، وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون الشخص غير قادر على إبداء موافقته كالأطفال أو الأشخاص الحاملين لإعاقة أو كبار السن. ويوجد بالاغتصاب أنواع فهناك الاغتصاب الفردي وهو أكثر أنواع الاغتصاب انتشارا لكن يوجد كذلك الاغتصاب الجماعي والاغتصاب الزوجي الذي يمارس من قبل الزوج على زوجته دون موافقتها والذي رغم وجود تشريعات تجرمه إلا أن المنظومة الثقافية للمجتمع التونسي مازالت لا تقر بمفهوم الاغتصاب الزوجي وأخيرا يوجد اغتصاب الأطفال.

شخصية المغتصب

لا يمكن اعتبار المغتصبين مرض ى نفسيين حتى لا يتم تبرير الجريمة التي ارتكبوها بداعي صحتهم النفسية ولكن شخصية المغتصب عادة هي شخصية تعاني من اضطرابات نفسية ورغم اختلاف شخصية المغتصبين بحيث لا يمكن تحديد سمة أو ميزة واحدة تجمعهم إلا أنه قد تم تقسيمهم إلى أربع أصناف :

  • المغتصب المتردد : تتميز شخصية هذا المغتصب بتحقير نفسها والتشكيك في قدرتها الجنسية ومحاولة دائمة لإثبات رجولتها ويتردد هذا المغتصب قبل ارتكابه للجريمة ويقوم بتهديد الضحية وحتى إذا قاومت الضحية فهو يعتقد أنها قد استمتعت بالعلاقة معه.
  • المغتصب العدواني : تتميز شخصية هذا المغتصب بشهوة جنسية عالية لا يتم إشباعها إلا بالعنف وتزداد النشوة عندما تقاوم الضحية ونجد العديد من الأزواج تحت طائلة هذا النوع من الاغتصاب.
  • المغتصب السيكوباثي : هو شخصية معادية للمجتمع فاقد للقدرة على الشعور بالشقفة وفاقد للوازع الأخلاقي والاجتماعي ويكون القتل أو الاغتصاب لهذه الشخصية فعل عادي لا يندم عليه أبدا.
  • المغتصب السادي: هو شخصية لا تشبع رغبته الجنسية إلا عندما يقوم بإهانة وإذلال الضحية وقد يستخدم أدوات لتعذيب وتحقير الضحية عند اغتصابها.
كيف يجب التعامل معه؟

تقتضي جريمة الاغتصاب عقوبة سجنية طويلة الأمد للمغتصب ورغم أهمية العقوبة إلا أن العديد من الدراسات قد أثبتت أن عددا هاما من المغتصبين الذين دخلوا السجن قد قاموا بمحاولة اغتصاب ثانية بعد خروجهم من السجن مما يثبت أن العقوبة السجنية لوحدها غير كفيلة بردع المغتصبين لذلك لا بد أن يتم أيضا إعادة تأهيل المغتصبين وعلاجهم نفسيا حتى نضمن عدم تكرارهم للجريمة ولحماية المجتمع.

الآثار النفسية على ضحايا الاغتصاب

غالبا يكون أول ما تشعر به ضحية الاغتصاب هي لوم النفس وتأنيب الذات وتحميلها جزءا هاما من مسؤولية الحادث حيث يمكن أن تلوم الضحية نفسها على ردة فعلها أو على عدم قيامها بردة فعل وهذا الإحساس سيجعل الضحية تنعزل وتأبى تتبع الجاني والإفصاح عن ما حدث لها خاصة أمام سوء المعاملة التي تجدها عند تقديم القضية مما يجعلها تشعر بفقدان الخصوصية وبالتالي تتراجع عن التبليغ عن الحادث . وسينجر عن هذا أعراض واضطرابات نفسية تظهر على الضحية كاضطرابات الأكل والنوم أو محاولات الانتحار وإذا لم تتوفر إحاطة نفسية للضحية يمكن أن تعاني من هذه الاضطرابات مدى الحياة إضافة إلى الاضطرابات الجنسية فيمكن أن تنفر الضحية العلاقات الجنسية أو يمكن أن تصبح لديها رغبة كبيرة في القيام بعلاقات جنسية وهو أمر سينعكس سلبا على حياتها وعلى علاقاتها وتختلف هذه الأعراض وحدتها حسب الظروف التي حدثت بها الجريمة وعلاقة الضحية بالجاني وما إذا كان قد استعمل معها العنف أو القوة ولا بد في كل الحالات من متابعة الضحية نفسيا حتى تستطيع تجاوز آثار الحادثة والعودة إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي.

اغتصاب الأطفال

غالبا يتعرض الأطفال إلى الاغتصاب من أشخاص ينتمون إلى محيطه كأصدقاء العائلة أو أبناء العم أو الخال الذين يمكن أن يكونوا في نفس السن أو أكبر وإذا أفصح الطفل عن ما حدث له يجب على الأسرة إحاطته وإشعاره بالأمن وخاصة بأنها تصدقه وعدم لومه لأي سبب من الأسباب كما يجب احترام خصوصيته وعدم إخبار جميع أفراد العائلة والأقارب عن الحادث ولكن نسبة الأطفال الذين يتحدثون عن ما حدث لهم قليلة مقابل الأطفال الذين لا يتحدثون لعدة أسباب إما خوفا من ردة فعل الأم أو الأب أو بسبب جهلهم بما حدث كما يمكن أن يكونوا قد تعرضوا إلى التهديد من قبل المجرم لذلك يجب أن تكون العائلة شديدة اليقظة وأن تتفطن إذا ظهرت أي تغيرات على الطفل حتى دون أن يتحدث عنها كأن نلاحظ تغيرا في طريقة مشيه أو كثرة ذهابه إلى الحمام ويمكن أن يعاني الطفل من حالات تبول لا إرادي ليلا ويمكن أن تطرأ عليه تغيرات في سلوكه كأن يصبح مائلا إلى العزلة والانطواء أو يمكن أن يصاب بنوبات هلع...

ويجب منذ التفطن إلى الحادثة عرض الطفل على مختص نفسي لمساعدته على تجاوز الحالة النفسية التي شهدها لأن الطفل يمكن أن يبدوا في البداية قد تجاوز المشكل ويعيش حياته بشكل عادي لكن منذ أن يدخل في سن المراهقة ويعي طبيعة ما حدث له يمكن أن يعاني من أعراض نفسية كبيرة ويمكن أن يتحول ألمه إلى كره ولوم لأسرته التي يحملها مسؤولية ما حدث إليه ومسؤولية صمتها أو عدم تصديقها له.


أرسل إلى صديق
sms viber whatsapp facebook

اكتشف تطبيقنا لتجربة أفضل!
Google Play
App Store
Huawei AppGallery