أهمية التقدير الذاتي

أهمية التقدير الذاتي

التقدير الذاتي هو بمثابة الاختبار النفسي للذات ويعني أن الشخص قادر على حب ذاته وتقديرها كما هي عليه ودون أن يكون الأمر مشروطا بأي شيء. وتعود أصول تقدير الذاتي إلى أولى العلاقات في حياة الإنسان وهي العلاقة مع الأم أين يتحصل الطفل على هذا الكم الهائل من الحب دون أي شروط وتقدير الذات عمليات هو أن يحب الشخص نفسه ويضعها في مقامها ويستطيع ذكر إيجابياتها كما يمكنه أيضا أن يميز سلبياته ونقاط ضعف ويحاول تغييرها بدافع أنه يستحق ذلك لا بسبب أنه غير قادر على حب ذاته إلا عند تغييرها.

يخلط الكثير بين هذين المفهومين فالثقة في النفس هي عندما يعي الشخص ويؤمن بقدرته على القيام بشيء ما والإبداع في مجال ما كما يؤمن بقدرته على تعلم الأشياء التي لا يعرفها وبحاجة إليها وتنبع الثقة من النفس إذا من تقدير سليم للذات وبالتالي فنلاحظ وجود علاقة بين مفهوم الثقة في النفس وتقدير الذات إلا أنها ليسا دائما مترابطين حيث يمكن أن يكون الشخص واثقا من نفسه ومن قدرته في أن يبرع في مجالات معينة خاصة على المستوى العملي دون أن يكون مقدرا لذاته لأنه دائما ما يربط حب النفس وتقدير الذات بما قد يحققه من إنجازات ونجاحات.

إن الدعوة إلى تقدير الذات وحب النفس قد تفهم عادة إلى أنها دعوة لاكتساب الجانب الأنانية إلا أنها عكس ذلك فالأشخاص الذين يمتلكون تقديرا سليما لذاتهم لا يمكن أن يكونوا أنانيين أو متمركزين حول نفسهم بل في المقابل يمكن أن يكونوا متفهمين للآخر ولوضعه ولآلامه وصعوباته. بينما الإنسان الذي لا يقدر ذاته هو شخص لا يستطيع حب الآخر وكل محاولة لبناء علاقة مع الآخر تكون بدافع الرغبة لرميم تقديره الذاتي ولذلك فإن كل خياراته في الحياة من أشخاص أو على مستوى دراسي ومهني لا تكون نابعة من حبه لذلك الخيار بل بمدى قدرة هذا الخيار على أن يحققه له الرضا الاجتماعي والمكانة الإجتماعية لترميم تقديره الذاتي ولا يستطيع في نهاية المطاف ترميمها.

إن علاج نقص الثقة في النفس يمكن أن يكون أسهل من علاج التقدير الذاتي فمسألة الثقة في النفس يمكن العمل عليها من خلال تغيير بعض السلوكات وتعلم بعض المهارات التي تنقصه والتدرب عليها كثيرا ليكتسب ثقة بالنفس إضافة إلى السلوكات الجديدة التي عليه تعلمها والتي تبرزه كشخص واثق من نفسه أمام الآخر مثل طريقة المشي والنظر إلى الناس في أعينهم والتكلم بصوت واضح وبنبرة معبرة...

إن علاج التقدير الذاتي هو علاج عميق لأنه سيبحث في جذور غياب هذا التقدير والتي تعود دائما إلى سن الطفولة وإلى العلاقة مع الأم والصدمات التي عاشها الطفل والجروح النرجسية لديه وهي كلها جروح وآلام من الماضي تجعل الإنسان حتى عندما يكبر ويحقق إنجازات في الحياة لا يستطيع الشعور بقيمتها ولا بقيمة ذاته لذلك يجب العودة إلى هذه الجروح ومداواتها دون أن ينتظر من شخص آخر أن يحبه وأن يعالج هذه الجروح لأنه لا توجد أي علاقة يمكنها أن تشبه علاقة وحب الأمومة ومن ينتظر هذا الشكل من العلاقات سيدخل حتما في علاقات مؤذية وسيكون حبه مرضيا وستسبب له آلام ومشكلات كبيرة لذلك لا بد من الانتباه إلى هذه الجروح ومحاولة معالجتها وعدم الهروب منها لبناء مستقبل وعلاقة سليمة.