الصعوبات الاقتصادية وتأثيرها على الصحة النفسية

رغم أن المادة لا تحقق بالضرورة السعادة إلا أن الضغوطات المالية والصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الشخص يمكن أن تشكل خطرا على سلامته النفسية والجسدية. فالالتزامات الحياتية والمسؤولية العائلية يمكن أن تسبب للشخص ضغوطات كبيرة خاصة مع زيادة الأسعار وزيادة الاحتياجات اليومية مما يؤدي إلى ظهور علامات الضغط الكلاسيكية على الشخص كالأرق والصداع النصفي ومشاكل المعدة إضافة إلى الآلام العضلية وهي أعراض تدل على بلوغ الشخص مرحلة متقدمة من الضغط النفسي الذي يعتبر في الأساس ردة فعل طبيعية للجسم تجاه المخاطر ومن خلالها يقوم الجسم بتهيئة نفسه إما للمواجهة أو للهروب وفي حال الضغوطات الاقتصادية لا يمكن الهروب منها وهي تتطلب مواجهة وحلولا للإيفاء بالالتزامات وتوفير أساسيات العيش لذلك يدخل الشخص في الضغط النفسي المستمر ويمر في هذه الحالة بثلاث مراحل :

المرحلة الأولى : هي مرحلة الضغط وترتفع فيها نسبة الأدرينالين في الجسم لتهيئ الشخص لمواجهة المخاطر وتتميز هذه المرحلة بارتفاع ضغط القلب وسرعة دوران الدم في الجسم.
المرحلة الثانية : هي مرحلة المقاومة ويفرز فيها الجسم هرومون الكورتيزول والأندروفين وتتميز هذه المرحلة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكري في الجسم.
المرحلة الثالثة : هي المرحلة الأخيرة من الضغط النفسي وهي مرحلة الإجهاد ويستنفذ فيها الجسم طاقته ويصل الإجهاد إلى الجهاز المناعي فيصبح هشا وتكثر إصابة الشخص بالأمراض

الأمراض التي تنجر عن الضغط النفسي

يمكن أن يؤدي الضغط النفسي إلى جملة من الأمراض كارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب ومشاكل الغدد والصداع النصفي واضطرابات النوم. ويؤثر الضغط النفسي كذلك على القدرات المعرفية للشخص مما يجعله أكثر عرضة لاتخاذ قرارات خاطئة ويعود ذلك إلى أن تدفق الدم والتدفق الكهربائي في أجزاء الدماغ التي تنظم وظائف البقاء تزداد مقابل تراجع التدفق في أجزاء الدماغ المسؤولة عن العمليات المعقدة كالتفكير واللغة والتركيز وحل الإشكاليات والتخطيط للمستقبل لذلك يتخذ الأفراد الذين يعانون من الضغط أحيانا قرارت متسرعة دون تفكير مسبق ودون بعد نظر وهو ما يمكن أن يعمق من مشكلاتهم في المستقبل.

كيفية التحكم في الضغط النفسي

لا يمكن التحكم في الضغط النفسي إلا بعد تحليل موضوعي للمشكل المطروح وكلما ارتبك الإنسان كلما ارتفع ضغطه النفسي لذلك يجب أن يأخذ الشخص مساحة زمنية للتفكير يقوم خلالها بتقييم للمشكل ولدرجة خطورته ثم يقوم بطرح أسوء السيناريوات التي قد تحدث له وبناء على ذلك يقوم بالتفكير في الحلول لتلافي هذه السيناريوهات، كما يجب على الشخص أن يعتبر من المشكل الذي حدث ويقوم بتأصيله ويبحث عن مكامن الخطأ التي قادته إلى المشكل المادي ليعيد بذلك تقييم عاداته وسلوكاته ومحاولة التحكم أكثر في موارده المالية ليتجنب الوقوع في مشاكل مادية . وأخيرا يجب على الإنسان بصفة عامة ليتجنب المشاكل المادية أن يحاول التغيير من طرق تفكيره وأن يتجنب السلوك الاستهلاكي الذي يربط السعادة بحجم الاستهلاك فالسعادة أساسا تكمن في الثقة في النفس وفي تحقيق الطموحات والنجاحات التي تمناها الشخص.