اضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة هو مرض منتشر وقد يربطه الكثيرون عادة بصدمات الحياة العادية كالرسوب والطلاق ومشاكل العمل اليومية إلا أن الصدمة التي تسبب هذا الاضطراب لها خصوصية محددة فالصدمة هي الحادثة التي تحدث للفرد وتعرض حياته للخطر أو حياة شخص قريب منه دون أن يستطيع هذا الفرد القيام بأي ردة فعل.

واضطراب ما بعد الصدمة هو مجموعة من الأعراض التي تظهر على الشخص بعد التعرض لحادث أليم وتضل متواصلة لأكثر من 4 أسابيع وتهم هذه الأعراض عدة جوانب ولها تأثير كبير على حياة الفرد الاجتماعية والخاصة.

إن التعرض لحادث صادم لا يؤدي بالضرورة إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة ولكن الأعراض تتطور بالنظر إلى التركيبة النفسية للفرد وإلى طبيعة الحادث، فأولا يجب أن يكون الفرد قد تجاوز سن الست سنوات حتى يستطيع استيعاب الصدمة وبالتالي تطوير أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وثانيا يجب أن يكون الحادث قد عرض حياة الفرد للخطر الكبير ( كالسطو أو التهديد بسلاح أو الاغتصاب...) كما أن الأشخاص الذي تظهر عليهم علامات هذا الاضطراب تكون قد توفرت لديهم مسبقا أرضية ملائمة لظهور الاضطراب كالإصابة بأمراض نفسية أو النشئة في بيئة يغلب عليها العنف بين أفرادها أو التعرض لتجربة التحرش الجنسي سابقا إضافة إلى الأشخاص الذين لديهم تركيبة نفسية غير قادرة على تحمل الضغط، وتشير الإحصائيات إلى أن 30 بالمائة من الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة قد ظهرت لديهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

تختلف الأعراض باختلاف السن فبالنسبة للأطفال فإن الأعراض تكون سلوكية أكثر منها نفسية كالتبول اللاإرادي أو الانقطاع المفاجئ عن الكلام كما يمكن أن يلاحظ الآباء تغير في نوع رسومات الطفل فتصبح أكثر عنفا وسوداوية ويمكن أن يصبح الطفل شديد القلق والتعلق بأحد الوالدين.

أما بالنسبة للبالغين فإن الأعراض تصنف إلى أربعة أصناف كبرى وهي :

• أعراض استعادة الحادثة : يعيش المريض خلال هذه المرحلة إعادة سيناريو الحادثة في مخيلته يوميا دون أن يشعر كما يمكن أن تراوده كوابيس ليلا تكون على شكل ذكريات من الحادثة وهو ما يجعل المريض في حال قلق دائم.
• أعراض التجنب : يتجنب المريض خلال هذه المرحلة كلما ما من شأنه أن يذكره بالصدمة من أماكن وأشخاص وغيرها...
• أعراض الاستثارة الانفعالية : يتميز المريض خلال هذه المرحلة بمزاج متغير وسريع الغضب والانفعال حتى على أبسط الأشياء دون أن يشعر وهو ما قد يخلق بعض المشاكل مع محيطه.
• أعراض تقلب المزاج واضطراب الإدراك : يعيش المريض خلال هذه المرحلة بمشاكل نفسية وبأعراض اكتئاب إضافة إلى نوبات الهلع وصعوبات في التركيز والذاكرة كما يمكن أن يكون صورا مغلوطة عن الحادث ويلقي باللوم على نفسه.

يقوم الطبيب النفسي بتشخيص حالة المريض بعد مرور أربعة أسابيع من تارخ الحادثة وإذا كانت الأعراض حادة وأثرت بشكل هام على المريض يمكن أن يحدث التشخيص حتى قبل مرور الأربعة أسابيع، ذلك أنه كلما كان التشخيص مبكرا كلما كان بالإمكان تجنب اضطراب ما بعد الصدمة المزمن.

إن 90 بالمائة من الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن يعالجوا بشكل كامل إذا حدث التشخيص والإحاطة النفسية مبكرا بينما يمكن أن يصاب 10 بالمائة منهم باضطراب ما بعد الصدمة المزمن خاصة إذا حدث التشخيص بعد مرور فترة طويلة على الحادثة أو إذا لم يلتزم المريض بالبروتوكول العلاجي اللازم أو إذا كان لديه أعراض تجنب قوية ويمكن أن يؤدي استمرار اضطراب ما بعد الصدمة إلى ظهور مشاكل نفسية أخرى كالاكتئاب الثانوي أو الوقوع في فخ الإدمان للتخلص من المشاعر السيئة ولذلك ينصح دائما بعيادة الطبيب النفسي بمجرد ظهور الأعراض.