اضطراب الهلع

26/10/2022   الصحة النفسية   3314  
الدكتورة يسرى الجملي


اضطراب الهلع
اضطراب الهلع

الاختلاف بين اضطراب الهلع ونوبات الهلع

اضطراب الهلع هو اضطراب نفسي ينضوي تحت مجموعة اضطرابات التوتر وهو منتشر بنسبة هامة في العالم إذ تشير الإحصائيات إلى إصابة حوالي 15 بالمائة من الأشخاص عالميا بهذا المرض وارتفعت هذه النسبة خاصة بعد ظهور جائحة كوفيد سنة 2020 . وكل فرد معرض للإصابة باضطراب الهلع إذ لا تقتصر الإصابة به على المرضى النفسيين فقط بل قد يصيب الأشخاص الأسوياء أيضا ومن مختلف الشرائح العمرية ولكن قد يظهر خاصة لدى المراهقين أو الشباب الذين تجازوا سن 25 سنة هذا وتؤكد الإحصائيات أنه مرض شائع لدى النساء أكثر مقارنة بالرجال .

واضطراب الهلع هو مرض تظهر خلاله مجموعة من النوبات التي تسمى بنوبات الهلع وهي نوبات مفاجئة وغير متوقعة تأتي بسبب أو دونه وتبلع ذروتها في غضون 10 دق وتستمر لمدة تتراوح بين 20 و 30 دق ثم تبدأ بالاختفاء تدريجيا كما ظهرت وتترك المريض في حالة من الذعر وغير قادر على استيعاب ما يحدث له .

الأعراض

نوبات الهلع هي عبارة عن أعراض جسمانية وسلوكية نفسية تتفاعل مع بعضها البعض وتترك المريض يشعر بكل تلك الأعراض والأحاسيس السيئة وتتمثل الأعراض الجسمانية في :

  • شعور بالاختناق وعدم القدرة على التنفس
  • تخدير وتنميل في الأطراف
  • تسارع نبضات القلب وآلام في القلب
  • صعوبة في البلع
  • آلام في المعدة
  • اسهال

وهناك كذلك مجموعة من الأعراض النفسية التي تصاحب الأعراض الجسمانية كفقدان التوزان وشعور المريض بالخوف الشديد كما تراوده خلال النوبات أفكار مخيفة كشعوره بأنه سيموت أو سيفقد السيطرة على نفسه وهي جملة من الأفكار التي تقوي من الأعراض الجسمانية . وتصاحب جملة هذه الأعراض والأفكار سلوكيات تختلف من مريض لآخر إذ هناك مرضى من شدة الأعراض النفسية والسلوكية يصبحون عاجزين عن الحركة أو الكلام حتى تمر تلك الحالة بينما هناك مرضى آخرين يفزعون وتكثر حركتهم ويطلبون عادة المساعدة من الآخرين من شدة خوفهم مما يحدث. ويمكن أن تصيب نوبات الهلع هذه الفرد مرة في حياته لسبب أو دونه ولكن لا تتكرر ويمكن أيضا أن تكون نوبات الذعر هذه متواترة وبالتالي نتحدث عن اضطرابات الهلع .

الأسباب

رغم أن اضطراب الهلع يظهر فجأة لسبب أو دون سبب إلا أنه عند تعميق البحث في حياة المريض يمكن أن يكتشف المعالج وجود عوامل أدت لظهور هذه النوبات ومن ذلك أن يكون الشخص بصدد المرور بفترة صعبة في حياته ومليئة بالضغوطات وهو ما يجعله أكثر حساسية من غيره ونلاحظ ظهور اضطرابات الهلع لدى النساء خاصة اللواتي يعشن في ظروف اجتماعية سيئة هذا ويمكن أن يكون اضطراب الهلع راجعا لأسباب وراثية أو لأسباب بيولوجية كنقص مادة السيروتونين من الجسم هذا وتؤثر العوامل التربوية كذلك على احتمالية إصابة الشخص باضطراب الهلع .

المضاعفات

بعد أول نوبة هلع يمكن أن يصاب المريض بحالة من الخوف الشديد من احتمالية تكرر التجربة فيضل في حالة تأهب مستمرة ينتظر حدوث النوبة ويعود هذا الخوف الشديد لشدة أعراض النوبة وتأثيرها السلبي على نفسية المريض. هناك أشخاص بسبب تكرر نوبات الهلع يصابون برهاب الساحات فالمريض من شدة خوفه من تكرر النوبة وهو في الخارج أو بصدد العمل أو السياقة يقلل من خروجه وابتعاده عن المنزل إلا في الحالات القصوى أو أن يكون له بالضرورة مرافق وفي بعض الحالات قد ينقطع عن الخروج من المنزل نهائيا وهي مؤشر سلبي كما يمكن أيضا أن يصاب هؤلاء الأشخاص بالإدمان لأن الكحول مثلا تقلل من ظهور الأعراض إلا أنها تساهم في تقويتها لاحقا. هناك حالات متقدمة من المضاعفات التي تظهر على المصابين باضطراب الهلع ومن ذلك الإصابة بالاكتئاب ومحاولات الانتحار أو الإصابة باضطراب آخر من إضطرابات الشخصية.

العلاج

ينقسم علاج اضطراب الهلع إلى نوعين يكون الأول علاجا للأعراض التي تظهر خلال النوبة بينما يكون العلاج الثاني للأسباب المؤدية لظهور النوبة، فعادة عندما تنتاب المريض نوبة هلع يسرع من فرط خوفه إلى المختص الذي سيسأله في البداية عن تاريخه المرضي والعائلي حول الإصابة باضطراب الهلع ثم يقوم المختص في مرحلة ثانية بإجراء بعض الفحوصات التي ستساعد المختص على فهم إذا كانت هذه الأعراض مرتبط بأسباب عضوية أم نفسية فقط وبمجرد التأكد من أن المريض سليم جسديا وأن هذه الأعراض تعود لنوبة هلع يفسر له بهدوء ماهية هذه النوبات ويؤكد له أنها نفسية بحتة لا تؤثر على سلامته الجسدية . يمكن للمريض أن يتحسن بسرعة بعد رؤية الطبيب ويمكن للطبيب أن يساعد المريض أيضا على القيام بتمارين استرخاء ويحاول أن يشتت انتباهه ولكن إذا استمرت الحالة بعض القيام بكل هذه المحاولات يمكن للطبيب أن يقدم للمريض حبوب مهدئة والتي ستظهر فعاليتها بعد مرور 15 دق ليعود المريض تدريجيا إلى حالته الطبيعية وتختفي كل تلك الأعراض.

ولكن علاج أعراض نوبات الهلع غير كاف لوحده ذلك أنه لن يمنع من تكرر حدوثها لذلك يجب على المريض زيارة طبيب نفسي والبدء في العلاج الجذري لنوبات الهلع وينقسم العلاج بدوره إلى جانب دوائي وآخر سلوكي معرفي ويجب التخلص دائما من الأفكار المغلوطة حول الأدوية النفسية وربطها بالإدمان لأن الأدوية النفسية لا توصف عشوائيا بل توصف بعد القيام بعدة فحوصات وتحاليل للمريض وتوصف بجرعات محددة على المريض احترامها لأنها ستحسن من حالته ، وتوصف الأدوية لتعويض مادة السيروتونين في الجسم فأدوية الاكتئاب هي أدوية مضادة لامتصاص السيروتونين في الجسم . ويمكن أن يتحسن المريض بعد مرور أربع أسابيع فيشعر بأن نوبات الهلع أصبحت حدتها أقل وتواتر حدوثها أيضا أقل وهو ما يساعد المريض على العودة لحياته الطبيعية تدريجيا .

وإلى جانب العلاج الكيميائي هناك مرحلة علاجية أخرى وهي العلاج المعرفي والسلوكي ويكون العلاج المعرفي من خلال التفسير للمريض طبيعة هذه النوبات وإزالة الأفكار الخاطئة التي يحملها المريض وأن يؤكد له أن كل تلك الأعراض الجسدية ما هي إلا انعكاسا للحالة النفسية للفرد وهي غير مرتبطة بصحته الجسدية ولن تؤدي إلى موته. أما بالنسبة للعلاج السلوكي فهو يقوم على تعريض المريض تدريجيا إلى التجارب التي يخاف منها حتى يتدرب عليها ويتغلب عن الخوف فمثلا بالنسبة للأشخاص المصابين برهاب الساحات وأصبحوا غير قادرين على الخروج من المنزل أو غير قادرين على الابتعاد عن المنزل يتم تدريبه تدريجيا على الخروج والابتعاد في كل مرة أكثر من السابق حتى يتخلصوا من شعور الخوف . ويكون تحسن المرضى عادة ملموس إذ يتحسن ثلث المرضى عادة مع احتمالية حدوث انتكاسة في المستقبل بينما سيظهر على نصف المرضى تحسن نسبي وسيضلوا محافظين على بعض أعراض القلق ولكن هناك نسبة من المرض بين 10 و 20 بالمائة الذين يتأخرون في رؤية المختص وتكون حالاتهم متقدمة كالمدمنين أو المنقطعين عن الخروج من المنزل نهائيا منذ سنوات تكون استجابة هؤلاء المرضى للعلاج بطيئة وبالتالي يكون مسار علاجهم أطول.


أرسل إلى صديق
sms viber whatsapp facebook

اكتشف تطبيقنا لتجربة أفضل!
Google Play
App Store
Huawei AppGallery