اضطراب الهلع : أعراضه وأسبابه

اضطراب الهلع : أعراضه وأسبابه

اضطراب الهلع هو مرض نفسي له أعراض وأسباب وعلاجات وتشير الدراسات إلى أن 30 بالمائة من الأشخاص قد تعرضوا ولو لمرة واحدة في حياتهم إلى نوبة هلع بينما يعاني 5،1 بالمائة منهم من مرض اضطراب الهلع وهو مرض يمس فئة النساء أكثر مقارنة بالرجال . ونتحدث عن هذا المرض النفسي بكثرة لأن أغلب المرضى يزورون عيادة الأخصائيين النفسيين متأخرا ويعود هذا إلى كون أعراض اضطراب الهلع تكون في أغلبها عضوية لذلك لا يعتقد الأشخاص أنها ناتجة عن مشكل نفسي إلى في أوقات متأخرة.

اضطراب الهلع هو مجموعة من نوبات الهلع المتكررة بصفة دورية وتأتي فجأة دون سبب مباشر ولا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها وهو ما يجعل الإنسان بعد تعرضه لأول نوبة هلع غير قادرة على العودة إلى حياته الطبيعية فنجده دائم الحذر والخوف من تكرر النوبة خاصة وأنها لا تسبقها أي مؤشرات.

توجد بنوبة الهلع نوعين من الأعراض وهما الأعراض النفسية والأعراض الجسدية وتمس الأعراض الجسدية :

• القلب : خلال نوبة الهلع يشعر المريض بتسارع في دقات قلبه وآلام قوية في القلب والكتف الأيسر تشبه ألم الذبحة الصدرية.
• الجهاز التنفسي : خلال نوبة الهلع يشعر المريض بضيق في التنفس ولهاث شديد
• الجهاز الهضمي : خلال النوبة قد يشعر المريض بألم في البطن أو المعدة ويمكن أن تصل الأعراض حد التقيؤ أو الإسهال
• أعراض عامة وسلوكية : قد يشعر المريض خلال النوبة بتعرق في اليدين ورعشة خفيفة كما يمكن أن يحس أيضا بالدوخة وترافق هذه الأعراض سلوكات يقوم بها المرضى دون القدرة على السيطرة عليها فنجد من يصبح خلال نوبة الهلع متجمدا في مكانه غير قادر على الحركة وتبدو عليه علامات التوتر بينما نجد أشخاص آخرين خلال نوبة الهلع يصبحون شديدي الحركة غير قادرين على البقاء في أمكانهم ويمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى هروب المريض من المكان الذي أصيب به في النوبة ليصبح لاحقا غير قادر على الذهاب إلى ذلك المكان ثانية لأن الدماغ قد ربط هذا المكان بحدوث نوبة هلع وتؤدي هذه الحالة إلى اضطراب في حياة الشخص الذي قد ينقطع عن الذهاب إلى مكان عمله أو إلى مدرسته ...

إلى جانب الأعراض الجسدية، تؤدي نوبة الهلع إلى أعراض نفسية وهي :

• الخوف والذعر الشديدين والشعور بفقدان السيطرة على الجسم والعقل
• أعراض حسية كأن يصبح الشخص خلال النوبة شديد الحساسية تجاه الأصوات ويمكن أن يصل به الأمر إلى حد التهيؤات السمعية أو البصرية وهو ما يؤدي إلى تزايد خوفه
• تراجع في مردودية الشخص الدراسية أو المهنية نتيجة لعدم القدرة على التركيز

توجد عدة عوامل قد تحفز ظهور مرض اضطراب الهلع لدى الأشخاص ونذكر منها :

• العامل الوراثي : إن المريض الذي تكون له سوابق عائلية مع اضطراب الهلع يكون أكثر عرضة من غيره للإصابة بالمرض
• العامل الاجتماعي : إن التنشئة العائلية والمحيط الإجتماعي الذي نشأ فيها الفرد يؤثر بشدة على استعداده لتطوير نوبات الهلع ليكون الاشخاص الذين تربوا داخل عائلة وبيئة تتعامل مع الضغط اليومي بطريقة سليمة سيكون أقل عرضة من غيره الذي نشأ في محيط يتعامل مع الضغوطات اليومية بطريقة انفعالية أو غير سليمة.
• العامل العصبي : يؤثر نقص النقال العصبي للسيروتونين في الدماغ على تحفيز ظهور نوبات الهلع
• تركيبة الشخصية : تؤثر تركيبة الشخصية على مدى استعداد الفرد لتطوير اضطراب الهلع ليكون الأشخاص الذين يفكرون بواقعية ويعملون عقلهم لقراءة عواقب أي سلوك يقومون به هم أكثر عرضة للإصابة بنوبات الهلع.
• فترة الحمل وما بعد الولادة : تؤثر فترة الحمل على نفسية المرأة نتيجة لعدة أسباب من بينها الأفكار التي تجول بعقلها خلال تلك الفترة حول مدى صعوبة الحمل ومدى كبر المسؤولية التي تتحملها للحمل والولادة وتربية الأطفال وهو ما يؤدي أحيانا لإصابة المرأة بنوبات الهلع.

بمرور الوقت وتكرر حدوث نوبات الهلع يدرك الفرد أنها نوبة مؤقتة وستذهب بعد فترة زمنية معينة لذلك يسعى إلى الهروب منها وتجنبها بأي طريقة وهو ما قد يوقع المريض في الإدمان على المواد المخدرة أو الكحول أو أيضا يمكن أن يؤدي إلى ظهور اضطراب الساحات لدى المريض ليصبح رافضا الخروج من المنزل بشكل نهائي خوفا من حدوث النوبة وأن لا يجد من يساعده وهي حالة متطورة تؤدي إلى عجز تام اجتماعي ومهني وعائلي .

خلال حدوث نوبة الهلع لأول مرة أو في حال تكررها يلجأ الكثيرون إلى أقسام الإستعجالي اعتقادا منهم أنهم يعانون من مشكل عضوي ما لذلك أول ما يقوم به المختص هو إجراء مختلف الفحوصات الطبية للتأكد من عدم وجود مرض عضوي أدى إلى ظهور هذه الأعراض خاصة وأن المشاكل العضوية التي تؤدي لظهور أعراض شبيهة بنوبات الهلع تكون كثيرة من بينها اضطراب الغدة الدرقية أو مشاكل في القلب أو أزمة ربو كما يمكن أن تؤدي بعض الأمراض العصبية التي تصيب كبار السن إلى أعراض تشبه نوبة الهلع لكن يتم تمييزها عنها لأنه يرافقها فقدان مؤقت للذاكرة عكس نوبة الهلع .

وبمجرد إنهاء كل الفحوصات والتأكد من أن الأعراض ناتجة عن نوبة هلع يتم أولا اصطحاب المريض إلى مكان هادئ وتفسير حالته واسم مرضه وقد يساعد هذا الحوار فقط من تهدئة روع المريض أما إذا استمرت النوبة لأكثر من ثلاثين دقيقة يتم حينها إعطائه أدوية، وبعد مرور النوبة يتم توجيه المريض إلى أخصائي نفسي لعلاج اضطراب الهلع ويعتمد العلاج على جزئين جزء دوائي لتعديل السيروتونين في الدماغ وجزء علاجي سلوكي معرفي لتفسير المرض جيدا للمريض واكتشاف الأسباب التي أدت إلى ظهوره كما يتم أيضا تعليمه بعض الإجراءات البسيطة للتخفيف من نوبة الهلع إذا حدثت. ويشار أخيرا إلى أن جملة هذه العلاجات أثبتت نجاعتها وفاعليتها في تعافي أغلب المرضى من اضطراب الهلع.