التدخين يقتل 8 ملايين شخص سنويا

20/07/2022   2050  
Dr Ridha Ben Arif

التدخين يقتل 8 ملايين شخص سنويا

التدخين يقتل 8 ملايين شخص سنويا

أكّد الدكتور رضا بن عريف الطبيب المختص في الأمراض الصدرية أنّ مضار التدخين معلومة للعموم إلاّ أنّ الإشكال يبقى مرتبطا بكيفيّة الاقلاع عن التدخين.

وبيّن دكتور بن عريف أنّ مضار التدخين تعود إلى عاملين، أوّلهما التبغ وهي النبتة التي تصنع منها السيجارة والتي تحتوي على المواد المسرطنة المتسبّبة في أمراض عضوية خطيرة كالسرطانات و الانسداد الرئوي المزمن، أمّا العامل الثاني فهو النيكوتين، الذي يتسبّب في الادمان وهو ما سنتطرق إليه لاحقا حيث أنّ هنالك فرقا بين التعوّد والإدمان.

ووصف الدكتور بن عريف التدخين بأنه أكبر طاعون عرفته البشرية مشيرا إلى أنّ العالم شهد عديد الاوبئة التي حلت ورحلت عنّا أو تمّ اكتشاف علاج لها في الوقت الذي بقي التدخين آفة تزيد كل يوم وتتسبّب في خسائر كبيرة على مستوى الصحة العامة والبيئة والاقتصاد.

كما أكّد أنّه وفق منظمة الصحة العالمية فإنّ التدخين يقتل أكثر من ثمانية ملايين شخص كل سنة في العالم وأنّ أكثر من مليون ومائتي شخص يلقون حتفهم بسبب التدخين السلبي.

وفسّر دكتور بن عريف أنّ الاشخاص الذين لا يدخنون ولكنهم مجبورون على تشارك نفس الفضاء سواء في العمل أو المنزل أو المقهى فإنّ استنشاقهم للدخان المنفوث من السيجارة يتسبب في نفس الامراض الخبيثة المنجرة عن التدخين وبنفس الحدّة أيضا.

وبصفته مختصا في الأمراض الصدرية بيّن دكتور بن عريف أنّ التدخين يتسبب في أمراض خطيرة على مستوى الجهاز التنفسي لعلّ أبرزها الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة.

وشرح دكتور بن عريف أنّ الدخان عندما يتغلل في القصبات الهوائية فإنّ المواد البنزينيّة الموجودة في السيجارة ستؤثر على الأغشية الداخلية للرئتين فيقع تصلّب على مستوى القصبات مما يتسبب في إفراز غير عادي ويومي للبلغم مع كحة متواصلة خاصة في الصباح، وهي أعراض عادة ما يربطها المدخّن بالتدخين فتبدو له عادية ويستهين بها وإن تواصلت معه لأعوام وتشتدّ عند الاصابة بالتهاب القصبات التي تصير متواترة الحدوث وبطيئة الشفاء وتشكّل كلّ هذه العوامل المرحلة الأولى من الانسداد الرئوي المزمن.

أمّا المرحلة الثانية من هذا المرض فتتمثّل في شعور الشخص، إضافة لكلّ ما سبق، بضيق تنفس عند القيام بأنشطة بسيطة اعتاد القيام بها بكلّ أريحية إلى أن يصل إلى المرحلة الثالثة حيث يصبح ضيق التنفس معيقا لحياته ونشاطاته اليومية.

وهنا نكون قد بلغنا مرحلة متقدمة جدا من الانسداد الرئوي وانسداد القصبات وتدمير الشعيرات والنسيج الرئوي مع انتفاخ الرئة لتصبح غير قادرة على القيام بدورها العضوي فيحدث نقص في الأوكسيجين وارتفاع في نسبة أحادي أكسيد الكربون ويدخل المدخّن في فترات تشنج وضيق تنفس متواصل.

وأكّد دكتور بن عريف أنّه عند بلوغ هذه المرحلة فإنّ العلاج يصبح صوريا ودون جدوى إذا لم يتمّ الإقلاع عن التدخين، مفيدا أنّ نجاعة العلاج في مختلف الأمراض الصدرية المرتبطة بالتدخين تكمن في بدأه في مراحل المرض الأولى والاقلاع الفوري والنهائي عن التدخين.

وبالإضافة إلى الانسداد الرئوي فإنّ سرطان الرئة يعدّ المرض الخطير الثاني الذي يتسبب فيه التدخين، وهو مرض يكلف الدولة والصحة العمومية أموالا طائلة فضلا عن كونه يسبّب الوفاة إذ غالبا ما يتمّ اكتشاف سرطان الرئة في مراحل متأخرة مما يُصعّب إمكانية الشفاء منه، مع العلم أنّ أكثر من 80% من الأشخاص الذين أصيبوا بسرطان الرئة هم مدخنون. وبيّن دكتور بن عريف أنّ عدد المصابين بهذا المرض في تزايد خاصة في صفوف الأشخاص الذين بدأوا التدخين في سنّ مبكرة.

وأوضح دكتور رضا بن عريف أنّ سرطان الرئة يعود إلى تداخل المواد الموجودة في السيجارة مع الخلايا وإضرارها بالحامض النووي الموجود فيها وإحداث تغييرات لتصبح خلية سرطانية.

ولتفسير هذا الارتباط الوثيق بين السيجارة والمدخّن، الذي رغم علمه بمضار التدخين وإدراكه لها فإنّه يواصل فيه، بيّن دكتور بن عريف أنّ هذه العلاقة تحوّلت إلى نوع من الإدمان غير أنّ المدخّن غير واع بهذا الرابط الإدماني لأنّ استهلاكه للسيجارة في البداية كان بغرض المتعة والنشوة أو لتجاوز مرحلة أو موقف صعب بالتالي وكلّما أراد الحصول على نفس تلك الراحة والسعادة يدخّن سيجارة فيتعوّد على التدخين.

وحسب ما أكّده دكتور بن عريف فإنّ التدخين ليس تعودا بل إدمان. وفسّر الفرق بينهما قائلا أنّ التعود هو القيام بشيء أو عمل أو تصرف لغرض معين مع إمكانيّة التحكم فيه والتوقف عنه متى شئت دون حصول ضرر جرّاء ذلك، في حين أنّ الإدمان يكون على مادة بعينها أو سلوك معين، وإذا ما قمنا بتحليل للدم فإنّنا سنلحظ وجود تلك المادّة التي تصبح حيوية للشخص المدمن وضرورية بنسب معيّنة وإذا ما نقصت فإنّ الجسم يطالب بها إلى أن يبلغ مرحلة لا يمكنه فيها الاستغناء عنها وتصير أساسية ليتمكن من القيام بنشاطاته اليومية بصفة طبيعيّة وهنا يكمن الفرق بين التعود والإدمان.

وللتخلص من هذه التبعيّة والخروج من الحلقة الادمانية، أكد دكتور بن عريف أنّ نجاح عملية الاقلاع تبدأ بطلب الشخص نفسه المساعدة إذ وجب أن يلتجأ للطبيب ليساعده ويؤطره في عملية الإقلاع. وأضاف أنّه لا يجب أن تقسو العائلة أو الطبيب على المدخّن كما لا يجوز لومه أو الضغط عليه خاصة إذا توفرت العزيمة من قبل المدخن. وأشار إلى أنّه من المهم أن نتفهّم المدخّن المدمن ونوفر له الإطار المناسب والراحة النفسية لنجاح عملية الاقلاع إضافة إلى مساعدته بمختلف الوسائل الطبية والعلمية التي أثبتت نجاعتها في إنجاح عملية الاقلاع لأنّ المدخن يمكن أن يمرّ في فترات الانسحاب بأعراض تجعل قراره بالإقلاع غير ثابت ويعود للتدخين بضعف الكمية التي كان يدخنها في السابق.

ومن بين الوسائل العلمية، ذكر دكتور بن عريف بدائل النيكوتين والعلكة وفي بعض الأحيان قد يحتاج لمهدئات ومقويات كما بإمكانه استعمال السيجارة الالكترونية أو التبغ المسخن كبديل للسيجارة باعتبارها اقل ضرار بحسب عديد الدراسات التي اثبتت نجاعتها إذا ما استخدمت بطريقة صحيحة ولمدة معينة بهدف الاقلاع دون استعمالها بالتزامن مع السيجارة العادية.

وأضاف دكتور بن عريف أنّ التبغ المسخن أو السيجارة الإلكترونية تعتبر وسائل فعّالة للإقلاع عن التدخين باعتبارها أوّلا، لا تحتوي على المواد المسرطنة الموجودة في السيجارة العادية والتي تتسب في أغلب الأمراض المربوطة بالقلب والشرايين والرئة وغيرها، وثانيا، لكونها تمكّن المدخّن من التخلص من عادة مسك السيجارة وتساعده تدرجيا على التخلص من استهلاك السجائر والقضاء على الرابط الادماني بها .


Arkadaşına gönder
sms viber whatsapp facebook

Découvrez notre application
pour une meilleure expérience !
Google Play
App Store
Huawei AppGallery