انزلاق غضروف فقرات الرقبة وأسفل الظهر

انزلاق غضروف فقرات الرقبة وأسفل الظهر

إن آلام الرقبة وأسفل الظهر لها أسباب مختلفة ومتباينة الخطورة وسنركز اليوم على مسألة مرض شائع يسبب حدوث هذه الآلام وهو الانزلاق الغضروفي.

توجد في جسم الإنسان سبع فقرات في الرقبة، إثني عشرة فقرة في الظهر وخمس فقرات في أسفل العمود الفقري فوق الحوض مباشرة والسبع فقرات الموجودة بالرقبة في الفقرتين الأولى والثانية اللتين لا يوجد بهما قرص فقري أما الفقرات من الثانية إلى السابعة توجد بين كل فقرتين قرص فقري، ينطبق ذات الأمر على فقرات الظهر التي تحتوي بينها أقراص وأيضا بخصوص العمود السفلي يوجد به قرص وبالنسبة لفقرات الظهر المحمية بالقفص الصدري لا يحدث بها عادة انزلاقات وتثبت الأبحاث أن 90 بالمائة من الانزلاق الغضروفي تحدث أسفل الظهر مقابل 8 بالمائة فقط تحدث في فقرات الرقبة و 2 بالمائة في فقرات الظهر المحمية بالقفص الصدري.

إن القرص الفقري هو مادة لزجة فيها نواة موجود في الثلث الأوسط والخلفي للقرص وتتكون هذه المادة من سكر معقد وبنسبة أعلى من الماء (حوالي 90 بالمائة) ويبدأ هذا الماء في النقصان تدريجيا بتقدم السن، يحيط بهذا اللب غشاء يحمي هذه المادة اللزجة وتوجد به نقطة ضعف وحيدة من الخلف لذلك فإن الانزلاق الغضروفية دائما ما تتكون خلف جسم الفقرة وتكون قريبة من النخاع العصبي.

عادة يحدث الانزلاق الغضروفي بين سن الثلاثين والخمسين سنة وهو مرض شائع جدا يصيب الذكور بنسبة 5 بالمائة مقابل 3 بالمائة فقط عند النساء وهي نسبة تعتبر مرتفعة ، ويحدث هذا الانزلاق عندما تجف المادة اللزجة الموجودة في نواة القرص الفقري فتحدث تشققات في غشاء القرص الفقري فتسري عبر هذه التشققات المادة اللزجة من الوسط إلى الجوانب وإلى الخلف وهو ما يسمى بالانزلاق الغضروفي حيث أن هذه المادة تتسرب وتقترب من القناة التي تمر منها أعصاب النخاع الشوكي وحين تمس المادة اللزجة هذه الأعصاب تتسبب في الشعور بآلام وهي أولى الأعراض التي قد تظهر على المصاب بالانزلاق الغضروفي وينطبق الأمر ذاته عندما نتحدث عن غضروف الرقبة وتكون الآلام في منطقة الرقبة والكتف واليد وإذا كانت أسفل الظهر ستكون الأوجاع في أسفل الظهر وتصل إلى الساق ويطلق عليها عرق النسا. هناك أسباب أخرى تكمن وراء الإصابة بالانزلاق الغضروفي كالعوامل الجينية والمهن الشاقة والوزن الزائد والوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.

يمكن للانزلاق الغضروفي إذا كان في مراحله الأولى أن يعالج عن طريق الأدوية وملازمة الراحة لفترة محددة ولكن إذا لم يتم إتباع العلاج على نحو جيد أو أن المريض لازال يمارس نفس السلوكات التي سببت له الإصابة يمكن للانزلاق الغضروفي أن يعود مرة أخرى وتكون عودته بنفس الأعراض كما يمكن أن تكون أقوى حسب كمية المادة اللزجة المهاجرة حيث أن اقترابها للعصب يمكن أن يسبب إعاقة في أحد الأعصاب وعندها قد لا يتمكن الشخص من تحريك قدمه والمشي إذا كان الانزلاق أسفل الظهر مثلا وفي حالات متطورة قد تغادر المادة اللزجة مكانها وتدخل القناة نفسها وبالتالي لا يمكن لها العودة لمكانها مرة أخرى ويمكن أن تسبب هذه الحالة عدة مضاعفات كاحتباس البول أو عدم القدرة على التحكم به ويمكن أن لا يشعر المصاب بتلك المنطقة تماما وهنا تصبح إعاقة كاملة تستحق تدخلا جراحيا عاجلا.

إن تشخيص الانزلاق الغضروفي هو عملية بسيطة تتلخص في صورة عادية ليتمكن المختص من رؤية الفقرات ليكتشف وجود انزلاق غضروفي ويكون تشخيص العمود الفقري السفلي عن طريق السكانار وبالنسبة للرقبة يكون التصوير بالرنين المغناطيسي هو الأفضل وفي حال لم يكن التشخيص واضحا يلجأ المختص إلى تخطيط العضلات.

بالنسبة لمن عانو لأول مرة من آلام الانزلاق الغضروفي ولا توجد لديهم علامات تدل على وجود مضاعفات يكون العلاج عن طريق المسكنات ومضادات الالتهاب مع الالتزام بالراحة وعموما في 90 بالمائة من الحالات الممثالة يشفى المريض بمجرد اتباع نصائح الطبيب ، أما إذا كانت الآلام شديدة يمكن اللجوء قبل الجراحة إلى علاجات الكورتيكويد التي تقدم للمريض بنسب عالية لفترة زمنية قصيرة ويمكن لهذا العلاج حل المشكل. أما إذا وجدت مضاعفات مستعجلة يلجأ الطبيب إلى الحل الجراحي العاجل.