الأمراض العضوية المزمنة وتأثيرها على الصحة النفسية

16/01/2023   الصحة النفسية   4668  
الدكتورة كوثر بن نتيشة

الأمراض العضوية المزمنة وتأثيرها على الصحة النفسية

الأمراض العضوية المزمنة وتأثيرها على الصحة النفسية

الأمراض المزمنة

الأمراض المزمنة هي حالة صحية أو مرض يستحق متابعة وعلاج طويل الأمد وتتسم الأمراض المزمنة بعد وجود علاج نهائي لها بل يكون العلاج يهدف أساسا إلى السيطرة على المرض والتقليل من الأعراض لتجنب الوصول إلى مرحلة المضاعفات مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم مثلا وتؤدي هذه الأمراض بالضرورة إلى تغير نمط حياة الفرد الذي سيصبح مرتبطا بالأدوية التي يتناولها يوميا وسيغير من عاداته الغذائية ومن ممارساته اليومية التي لا تتماشى مع المرض وهو ما سيشعر المريض في مرحلة ما بالتضييق على حريته خاصة مع تكرر زيارة الطبيب والفحوصات التي يمكن أن يطلب الأطباء وهو ما سيسبب ضغطا نفسيا على المريض ولذلك تشير أغلب الدراسات إلى أن 1/3 مصاب بمرض مزمن يكون عرض للإصابة بالاكتئاب ومن بين هذه الأمراض المزمنة نذكر التصلب اللوحي والسكتات الدماغية والشلل الرعاشي ومرض السرطان حيث تثبت الإحصائيات أن 27 بالمائة من الأشخاص الذين عانو من سكة دماغية هم معرضين للإصابة بالاكتئاب بينما 25 بالمائة من مرضى السكري والسرطان معرضين للإكتئاب وترتفع هذه النسبة إلى حدود 65 بالمائة لدى الأشخاص الذين أصيبو بنوبات قلبية

وإلى جانب حالات الاكتئاب هناك عدة أمراض مزمن عضوية تعطي أعراض اضطرابات نفسية كمرضى السكري الذين يعانون من أرق في النوم بسبب كثرة التبول ليلا وهو ما سيؤثر على مزاجهم اليومي ويرفع من نسبة توتره بسبب قلة النوم وأيضا بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بالخرف والذين بلغوا مرحلة الهلوسات إذ يمكن أن تتسبب لهم تخيلاتهم وأفكارهم غير الواقعية في خوف دائم وضغط نفسي مستمر سيؤثر على صحتهم النفسية ونؤكد في هذه النقطة على ضرورة العلاج النفسي لمرضى الخرف للتقليل من حدة الأعراض لديهم. وتكون مختلف الأعراض النفسية التي تظهر على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة متأتية من تغير نظرتهم للحياة لتصبح تشاؤمية سلبية وفي هذه الحالات نقول أن المرض النفسي ناتج عن المرض العضوي للمريض.

الأمراض المزمنة التي يمكن أن تسبب أمراضا نفسية

تختلف الأعراض النفسية التي تظهر لدى المرضى باختلاف طبيعة المرض ودرجة خطورته ويمكن أحيانا أن تكون الأعراض النفسية تابعة للمرض العضوي كحالات خمول الغدة الدرقية حيث نجد المريض متعكر المزاج دائما وله نظرة سلبية وسريع التوتر لذلك يجب القيام بالتشخيص لتحديد إذا كانت هذه الأعراض نفسية بحتة أو أنها أعراض مرتبطة بالمرض وبالتالي يمكن أن تزول عند علاج المرض . ونؤكد على ضرورة التشخيص النفسي لتحديد نوع العلاج الذي يستحقه المريض رغم أن الكثير من الأشخاص يرفضون فكرة العلاج النفسي ويركزون على المرض والأعراض العضوية ويتجاهلون الأعراض النفسية على خطورتها اعتقادا منهم أنها ستزول من تلقاء نفسها وهي أفكار خاطئة حيث أنه إذا تأكد أن المريض يعاني من حالة نفسية ما كان سببها إصابته بالمرض يجب عليه تلقي العلاج اللازم حيث أن الأمراض النفسية اليوم وعلى رأسها الاكتئاب أصبحت تصنف كأمراض تقترب من كونها عضوية بسبب أنها ناتجة عن اختلال في كيمياء الدماغ التي لن تعدلها سوى الأدوية حتى تختفي الأعراض من المريض.

ويمكن أن لا يشعر المريض من تلقاء نفسه بتغير سلوكه الذي يمكن أن يشعر به محيطه العائلي والاجتماعي فيصبح المريض مائلا نحو الانعزال وفاقدا لشغف القيام بالأنشطة التي كانت مهمة بالنسبة له سابقا كما يحاول المريض تجنب اللقاءات والاجتماعات العائلية ويرغب في أن يكون دائما وحيدا بالمنزل ويمكن أيضا أن تظهر أعراض الاكتئاب لدى بعض المرضى عن طريق النوم لساعات طويلة للهروب من الواقع أو الأكل بصفة كبيرة وإذا لاحظ محيط المريض استمرار هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين يجب توجيه المريض لزيارة المختص النفسي ومحاولة إقناعه في حال رفض.

أدوية الأمراض المزمنة التي تسبب أعراض نفسية

يمكن أن تتسبب بعض الأدوية التي يتناولها المريض باستمرار لعلاج المرض المزمن في ظهور أعراض نفسية لديه مثل أدوية الكورتيكوييد التي تستعمل خاصة في أمراض المناعة الذاتية أو بعض الأدوية التي تستعمل لعلاج ارتفاع ضغط الدم والتي تعطي أعراض شبيهة بالاكتئاب وأيضا العلاج الهرموني لدى المصابين بسرطان الثدي لذلك يجب على المريض في حال الشعور بأي تغيير طرأ على سلوكه مراجعة طبيبه الخاص لمحاولة تغيير الأدوية حتى تتحسن حالته النفسية.

علاج الأمراض النفسية الناتجة عن الأمراض المزمنة

نؤكد أولا على أهمية التشخيص المبكر قبل تطور المرض النفسي وقبل بروز تأثيراته السلبية على حياة المريض وإذا شخص المريض بمرض نفسي ناتج عن إصابته بمرض مزمن ي=نركز في العلاج أولا على قبول المريض لحالته والفك عن لومه لنفسه وغضبه المستمر من نفسه ومن من هم حوله وإذا نجحنا في تغيير هذه الأفكار الخاطئة وإقناع المريض بإمكانية تسحن حالته النفسية وإمكانية تعايشه مع المرض نكون نجحنا في تحقيق خطوة هامة نحو شفاء المريض كما نركز في العلاج على إيجاد حلول لكل المشكلات التي قد يواجهها المريض بسبب وضعه الصحي كتغيير بعض الأدوية التي لا تتلائم معه والتي تسبب له تأثيرات جانبية غير مرغوب بها وهي حالة ممكنة بالنسبة لأدوية علاج ارتفاع ضغط الدم نظرا لتوفر أكثر من نوع دوائي لعلاج الحالة بينما في حال لم توجد بدائل عن هذه الأدوية كحالة العلاج الهرموني لمرضى السرطان يتم حينها وصف أدوية للمرضى لعلاج الأعراض النفسية التي تسببها هذه العلاجات الدوائية.


أرسل إلى صديق
sms viber whatsapp facebook

اكتشف تطبيقنا لتجربة أفضل!
Google Play
App Store
Huawei AppGallery