تأثير الصيام على المزاج

تأثير الصيام على المزاج

يؤثر الصيام على المزاج والحالة النفسية للفرد ويمتد هذا التأثير عموما لمدة أسبوع ثم يبدأ في الاختفاء تدريجيا ويعود هذا لسببين رئيسيين

• سبب بيولوجي : خلال الصيام يعيش الجسم حالة حرمان من الأكل تمتد لفترات طويلة وهو ما يخفض من نسبة السكر في الدم، هذا التغيير يؤثر لاحقا على قدرات الفرد الذهنية بما يسبب له ضعف في التركيز وتشتت في الانتباه مع شعور مستمر بالتعب والإرهاق وعادة عندما تتراجع القدرات الجسدية تطغى المشاعر لذلك لا يتمكن الصائم من عند شعوره بالغضب من ضبط نفسه وتبديد غضبه بسرعة بمعنى أنه لا يتمكن من السيطرة على هذه المشاعر كما كان في الحالة العادية .
• الأسباب السلوكية : يرافق شهر رمضان والصيام عدة سلوكيات جديدة سواء على مستوى الأنشطة اليومية أو على مستوى التغذية إذ يعيش الشخص خلال شهر رمضان نسق حياة جديد فتتغير مواقيت العمل ومواقيت الوجبات إلى جانب تغير الساعة البيولوجية للجسم بسبب قلة النوم فخلال شهر رمضان يشتغل بعض الأفراد ليلا مما يجعلهم يتجاوزن الوقت العادي للنوم كما تكثر السهرات عموما وينام الكثيرين متأخرا إلى جانب استيقاظهم في منتصف النوم للسحور وهو ما يجعل النوم متقطعا . إذا كل هذا التغيير الذي يطرأ على حياة الفرد يحتاج لفترة حتى يتأقلم معه الدماغ وإلى حين حدوث عملية التأقلم التي تحدث عادة خلال أسبوع يشعر الفرد ببعض القلق .

يستهلك بعض الأفراد مواد تسبب الإدمان كالقهوة والتدخين والكحول والقنب الهندي وحتى السكريات وغيرها من المواد التي تؤثر في الدماغ وبالتالي فإن حرمان الجسم من هذه المواد خلال شهر رمضان سيضاعف الضغط وسيجعل الصيام أصعب ولكن يجب التأكيد دائما على ضرورة استغلال فرصة شهر رمضان للتقليل من هذه المواد والإقلاع عنها ، فالسكريات مثلا يؤدي الإفراط في تناولها إلى حدوث تلف في خلايا الدماغ وحصول شيخوخة مبكرة للدماغ كما أن شهر رمضان يساعد على التخلص من هذه العادات السيئة لأنه يخفف من الشعور بالحرمان الذي يشعر به الفرد بما أن الجميع يتوقفون عن استهلاك هذه المواد خلال شهر رمضان .

بالنسبة لمستهلكي القنب الهندي يجب الرجوع دائما إلى أسباب استهلاكها لأن هناك من يستهلكها بدافع الرغبة في المتعة وهناك من يستهلكها اعتقادا منه أنها قد تساعده في بعض الإشكاليات التي يعاني منها كالأرق والاكتئاب ونوبات الهلع لان القنب الهندي يساعد على التخفيف من هذه الحالة وبالتالي فإن الإقلاع عنها خلال شهر رمضان من الممكن أن يجعل المشكل يعود ثانية كأن يكتئب الشخص أو تنتابه نوبات هلع من جديد لذا من الضروري إذا شعر شخص ما بتعكر حالته أن يزور طبيبا نفسيا حتى يتمكن من التخلص نهائيا من المشكل الذي يعانيه .

إن بعض الأمراض النفسية المتعلقة بالمزاج كالاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب يمكنه الصوم في بعض الحالات، فبنسبة للمصابين باضطراب ثنائي القطب أثبتت الدراسات أنه خلال شهر رمضان يعيش هؤلاء الأفراد حالة من الاستقرار لذا إذا كان الشخص يشعر بالاستقرار في مزاجه يمكنه الصيام ولكن يجب الانتباه دائما إذا كان يتعاطى بعض الأدوية التي تمنع عنه الصيام أو إذا كان يتناول الأدوية في أوقات متباعدة من اليوم يجب ألا يقوم بدمجها مع بعضها البعض في فترات الإفطار القصيرة لأنه من الممكن أن تسبب له في جرعة زائدة لذا من الضروري استشارة الطبيب النفسي في هذه الحالات. أما بالنسبة للمصابين بالاكتئاب إذا كان الفرد خلال شهر رمضان يعيش نوبة الاكتئاب لا يجب عليه الصيام لأن الشعور بالحرمان الذي يصاحب الصوم يمكن أن يضاعف من أعراض الاكتئاب لديه أما إذا كان قد تجاوز حالة الاكتئاب وحالته مستقرة يمكنه الصيام . إلى جانب الأمراض النفسية هناك بعض الأمراض الأخرى التي يستحسن ألا يصوم فيها الفرد خاصة بالنسبة للحوامل والمرضعات ومن يعانون من بعض الأمراض المزمنة والأشخاص الذين يعانون من اضطراب في السلوك الغذائي.

يحقق الصيام عدة فوائد على مستوى البيولوجي والنفسي فعلى المستوى البيولوجي أثبت الإفراط في التغذية ضرره على الدماغ بسبب احتمال حدوث تلف في خلايا الدماغ والشيخوخة المبكرة كما أن الوصلات العصبية تتحسن عند التقليل من نسبة الغذاء .و أثبت الصيام المتقطع وبعد مرور أسبوع منه قدرته على إفراز هرمون السيروتونين وهو الهرمون المسؤول عن السعادة وبالتالي يمكن أن يكون عاملا مساعدا في حالات الاكتئاب أو اضطرابات ثنائي القطب شرط أن تكون الحالة مستقرة مسبقا .

أما على المستوى السلوكي فتساعد العادات الجديدة التي ترافق الصيام تعليم الإنسان جملة من السلوكيات الهامة جدا كضبط النفس والتحكم في ردود الأفعال وتأجيل المتعة وهي كلها سمات من الضروري أن يكتسبها الإنسان كما أن النسق الاجتماعي خلال شهر رمضان يتغير إذ تكثر التجمعات العائلية وقليلا ما يتواجد الشخص لوحدة أو يشعر بالوحدة وهي عامل مهم جدا لتحسين نفسية